الشرط الخامس في الدعوى: أن يكون موضوع الدعوى أمرًا يمكن إلزام المدعى عليه به -أي: أن يكون الطلب مشروعًا ملزمًا في مفهومنا الحاضر- فإذا لم يكن بالإمكان إلزام المدعى عليه بشيءٍ فلا تقبل الدعوى كأن يدعي إنسان أنه وكيل هذا الخصم عند القاضي في أمرٍ من أموره، أو يدعى على شخصٍ بطلب صدقة، أو بتنفيذ مقتضى عقد باطل، فإن القاضي لا يسمع دعواه هذه إذا أنكر الخصم ذلك؛ لأن الوكالة عقد غير لازم فيمكنه عزل مدعي الوكالة في الحال.
سادسًا: أن يكون المدعى به مما يحتمل الثبوت؛ لأن دعوى ما يستحيل وجوده حقيقة أو عادة تكون دعوى كاذبة، فلو قال شخصٌ لمن هو أكبر سنًا منه: هذا ابني لا تسمع دعواه لاستحالة أن يكون الأكبر سنًا ابنا لمن هو أصغر منه سنًا، وكذا إذا قال لمعروف النسب من الغير هذا ابني لا تُسمع دعواه.
هذه هي شروط صحة الدعوى حتى تُسمع عند القاضي، نكتفي بهذا القدر، وأستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
٢ - الدعوى وتعارضها ووسائل الإثبات
الدعوى
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فسوف نبدأ الحديث في هذه المحاضرة عن أنواع الدعوى القضائية، فنقول: الدعوى نوعان: صحيحة، وفاسدة.
فالدعوى الصحيحة هي التي استكملت شرائط الصحة، ويتعلق بها أحكامها المقصودة منها، وهي إحضار الخصم إلى ساحة المحكمة بواسطة أعوان القاضي، ومطالبته بالجواب على دعوى المدعي، واليمين إذا أنكر المدعى به، ويثبت فيها حق المدعي إما بالبينة أو بنكول المدعى عليه عن اليمين.
والدعوى الفاسدة أو الباطلة هي التي لم يتوافر فيها شرط من شروط الصحة، ولا تترتب عليها الأحكام السابقة المقصودة منها؛ كأن تكون الدعوى على