يعلمون أن مجرد العهد من الإمام كافٍ في انعقاد البيعة لما احتاجوا إلى أخذ البيعة من الناس، وإننا لنجد عمر بن عبد العزيز وهو من وهو في فقهه وعلمه بأحكام الشريعة بعد أن عهد إليه سيلمان بن عبد الملك بالخلافة، وبعد أن قرئ كتاب العهد على الناس بعد وفاة سليمان بن عبد الملك يصعد المنبر ويقول:"إني والله ما استؤمرت في هذا الأمر وأنتم بالخيار". فهذا منه دليلٌ على أن البيعة لا اعتبار لها إلا إذا كانت من أهل الحل والعقد الممثلين لرغبة الأمة، ولو كان العهد من الخليفة السابق كافيًا وحده في انعقاد الإمامة لما التقى عمر بالناس ليخبرهم بأن لهم كل الاختيار في مبايعته إمامًا عليهم أو عدم مبايعته.
انعقاد الإمامة عن طريق القهر والغلبة
ثم نتحدث الآن عن الطريق الثالث من طرق انعقاد الرئاسة، وهو: انعقادها بالقهروالغلبة، فنقول:
الأصل في انعقاد الرئاسة -كما قلنا- أن يعقدها أهل الحل والعقد لمن يرونه صالحًا لقيادة المسلمين بتوافر الشروط المطلوبة فيه، ويكون ذلك بعد تصفح أحوال من يؤانس فيهم التهيؤ الكامل للقيام بعبء الرياسة الثقيل، فيكون مجيء الرئيس بمحض إرادة الأمة واختيارها ممثلة في أهل الحل والعقد بعد ما ظهرت صلاحيته لهذا المصب. هذا في الظروف العادية التي لا يُفرض فيها أحدٌ إرادته على الأمة، ولكنه يحدث في كثيرٍ من الأحيان أن يثب من توافرت لهم أسباب القوة والغلبة على هذا المنصب، ويفرضون أنفسهم على الناس قسرًا وقهرًا كما يحدث بما نسميه في