هذا التهرب, ونحن نعرف أن القضاء على التهرب من أداء الجزية معناه أن يساهم جميع أهل الذمة, الذين توافرت بالنسبة لهم شروط وجوب الجزية, أن يساهموا في الأعباء المالية المقررة عليهم في الدولة دون استثناء, وبالتالي تتحقق المساواة الكاملة بين المكلفين بأداء الجزية في تحمل عبئها.
مراعاة ظروف المكلفين بالجزية
ونريد أن نتحدث عن مراعاة ظروف المكلفين بالجزية فنقول:
الذكور البالغون العاقلون القادرون من أهل الذمة, والمكلفون بأداء الجزية, إنما يساهمون في الأعباء المالية عن طريق دفع الجزية, كل حسب مقدرته المالية, فالتكليف يكون بما في الوسع والطاقة؛ لأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها, ولذلك لا يجوز ظلمه ذلك في ذلك؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم: ((ألا من ظلم معاهدًا, أو انتقصه, أو كلفه فوق طاقته, أو أخذه منه شيئًا بغير طيب نفس منه, فأنا حجيجه يوم القيامة)) فالمقدار الذي يؤخذ منهم في الجزية يجب أن يراعي فيه مقدرتهم المالية, وكافة ظروفهم العائلية, وهذا المقدار يختلف من فرد لآخر, بل يختلف من الفرد الواحد من زمن إلى زمن آخر, كما يختلف تبعًا للبيئة, لذلك ينبغي ألا يحدد مقدار بعينه, فإذا كثر مال ممول زيد عليه مقدار الجزية, وإن قل ماله نقص مقدارها, ونجد ذلك واضحًا فيما أشار به معاذ بن جبل على أبي عبيدة بن الجراح, في صلح "الرها" إذ يقول:
إنك إن أعطيتهم الصلح على شيء مسمى فعجزوا عنه, لم يكن لك أن تقتلهم, ولم نجد بدًّا من إبطال ما اشترط عليهم من التسمية, وإن أيسروا أدوه على غير الصغار الذي أمر الله به فيه, فاقبل منهم الصلح, وأعطهم إياه على أن يؤدوا الطاقة, يعني بمقدار ما يستطيعون, وحسب مقدرة المكلف المالية, فإن