أما في الواقع فكان يشتمل على كل هذه العناصر، ويدخل في كافة أوجه النشاط، فالله -سبحانه وتعالى- هو الذي يحدد الأهداف الرئيسية ويبلغها لرسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم- ليقوم بتنفيذها، فكان عليه الصلاة والسلام يضع البرامج والسياسات، ويعهد إلى أصحابه بدراستها، ثم يشاورهم فيها، ويستمع إليهم في كل ما يبدون من ملاحظات.
وتجلى هذا عبر مراحل التاريخ الإسلامي، بدءًا من نزول الوحي على الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحتى التخطيط الواعي الدقيق لتنظيم الدولة الإسلامية، والتاريخ الإسلامي أعطى للبشرية أمثلة عملية على عظمة التخطيط الإسلامي في كافة صور التخطيط إداريًا أم حربيًا أم اقتصاديًا أم اجتماعيًا.
وسنكتفي في هذا البحث بالحديث عن التخطيط الإداري، أما المجالات الأخرى فلا يتسع المجال للحديث عنها.
التخطيط الإداري يستهدف التخطيط تحقيق نتائج محددة، وكل الخطط إنما ترمي أساسًا إلى الوصول إلى الأهداف المرجوة، وبمعنى آخر فإن التخطيط هو الوسيلة التي يلجأ أو تلجأ إليها الإدارة للانتقال من الموقف السائد إلى الموقف المستهدف، ويتوقف نجاح الخطة على حسن اختيار الأهداف والقدرة على توصيفها التوصيف الدقيق، ويعد التخطيط للأهداف من أهم أنواع الخطط الإدارية، وسنرى تطبيقًا إسلاميًّا للتخطيط الإداري من خلال نماذج ثلاثة:
الأول: التخطيط لنشر الدعوة الإسلامية.
النموذج الثاني: التخطيط للهجرة.
النموذج الثالث: تخطيط الحياة المدنية بعد الهجرة.
نكتفي بهذا القدر من هذه المحاضرة، أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
٢ - المنهج الإسلامي في التخطيط
التخطيط لنشر الدعوة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد.
فقد انتهينا في المحاضرة السابقة عن الحديث عن توجيهات الفكر الإداري الإسلامي، وبدأنا الحديث عن المنهج الإسلامي الإداري، وبينا أن هذا المنهج قد يكون في التخطيط، وقد يكون في التنظيم، وقد يكون في الرقابة.
ونتكلم الآن عن التخطيط لنشر الدعوة الإسلامية، فنقول:
إن القرآن الكريم قد حدد أهداف الدعوة في التوحيد، ونقل الناس من عبادة الأوثان إلى عبادة الرحمن، وكان تحديد الهدف هو أول عناصر الخطة الإسلامية