للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أرسى قواعد التسامح الديني، ففي عهد الصلح -الذي تم بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين نصارى أهل نجران- نجد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقر لهم الحرية في عقيدتهم، فقد جاء في نص هذا العهد:

"أن لهم ذمة الله وعهده، وألا يفتنوا عن دينهم، ولا يغير ما كانوا عليه، ولا يغيروا حق من حقوقهم، وأمثلتهم -يقصد: الصلبان والصور- ولا يفتن أسقف عن أسقفيته، ولا راهب عن رهبانيته".

ومن هذا العهد يتبين لنا جليًّا مدى التسامح الذي منحه -صلى الله عليه وسلم- لأهل نجران.

وأيضًا أقر الرسول -صلى الله عليه وسلم- لليهود حريتهم، فقد كتب إلى معاذ بن جبل -وهو باليمن-: ((ألا لا يُفتن يهودي عن يهوديته)) ولو ألقينا نظرة على ما تضمنه كتاب الصلح الذي تم بين عمر بن الخطاب وأهل إيلياء، نجد أن عمر أعطاهم الأمان على أنفسهم، وكنائسهم، وصلبانهم، وضَمِنَ لهم عدم سكن هذه الكنائس، أو هدمها، أو انتقاص شيء منها، وبمعنى أعم: ضمن ألا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم بسبب عقيدته.

وفي كتاب الصلح الذي تم بين عياض بن غنم وبين إحدى مدن الشام نجد أنه: أقرهم على عقيدتهم، حيث أعطاهم أمانًا لأنفسهم، ولأماكن عباداتهم، وضمن ألا تخرب، ولا تسكن.

وأيضًا: فإننا نجد خالد بن الوليد في الصلح الذي تم بينه وبين أهل دمشق: فقد أقرهم على عقيدتهم، حيث أمَّن أماكن هذه العبادة.

وأيضًا: ما فعله عمر بن الخطاب حينما دخل بيت المقدس؛ لعقد معاهدة مع أهلها، فقد حضرته الصلاة في كنيسة القيامة، لكنه رفض الصلاة فيها؛ خشية أن يتخذها المسلمون مسجدًا من بعده، فيظلموا أهلها.

<<  <   >  >>