إليها؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- يقول:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً}(النساء: من الآية: ١٤١) وهل هناك من سبيل أعظم من ولاية الإمام الأعظم؟ وأيضا لأن الله -سبحانه وتعالى- أمر بقتال غير المسلمين حتى يسلموا أو يعطوا الجزية، فكيف يمكن لغير المسلم أن يتزعّم، ويقود الحرب التي يشنّها المسلمون على غير المسلمين؛ وعلى هذا فلا يجوز أن تعقد رياسة الدولة لكافرٍ أصليٍّ أو مرتدٍّ؛ لان معنى إقامة دولة إسلامية هو أن تلتزم بالقانون الإسلامي، تطبقه، وتعيش حياتها على وفق تعاليمه، وهذا القانون الإسلامي لا يُتَصوّر تطبيقه إلا من أناسٍ يدينون بالولاء والخضوع التام لهذا القانون، إن أيّ نظام -مهما كان نوعه- لا يمكن أن يقبل أن يسند المركز الأول فيه -أو أي مركز هام- إلّا إلى شخص يؤمن تمام الإيمان بهذا النظام ويسعى جاهدًا لنصرته.
الشرط الثاني من الشروط التي يجب توافرها في الإمام أو رئيس الدولة، هو شرط أجمعت الأمة أيضًا عليه: وهو البلوغ، إلا الإمامية فإنهم شذُّوا عن هذا الإجماع، وجوّزوا أن يكون الإمام طفلًا، لكن هذا القول من الإمامية إنما هو قولٌ لا يعتدّ به، ويبقى الإجماع قائمًا على أنه لا يجوز تولية رياسة الدولة لغير البالغ.
وهنا قد يرد سؤال هو: ما الحكم إذا فرض الصبي في حال ضرورةٍ فعلًا؟ يعني: إذا كان الفقهاء قد اتفقوا على أنه لا يجوز أن يتولّى رياسة الدولة أو الإمامة العظمى طفلٌ غيرُ بالغٍ، فلو فرض أن هذا الطفل قد فرض عليهم ليكون إمامًا أعظم أو ليكون خليفةً ... فما العمل في هذه الحالة؟ ما الحكم إذا فُرِض هذا الصبي في حال ضرورة؟ أي بأن لم يكن هناك رضًا من الشعب، ولكنه فرض عليهم قسرًا وقهرًا، كأن ألزم الشعب به حاشية أبيه الذين يملكون السلطة ووسائل قهر الأمة؟
والجواب: أن هذه فعلًا هي حال ضرورة، وعندئذٍ يجب على أهل الحل والعقد في الأمة إعلان أن هذا أمر غير شرعي، ويجب على الأمة أن تؤيّدهم في هذا، والمطالبة بتولي مستوفي الشروط، فإذا استمرّ فرضُ هذا الصغير على الأمّة