يسكن فيه الفرد بشكل دائم أو مؤقت، فللمَساكن الخاصّة حرمتها التي لا يجوز انتهاكها إلا عند الضرورة، وغنيّ عن البيان أن هذا الحقّ مقررٌ بنصوص صريحة في كتاب الله -تبارك وتعالى- في "سورة النور" حيث تذكر الآيتان "٢٧و ٢٨" من تلك السورة قول الحق -تبارك وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمْ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}(النور: من الآية: ٢٧).
فقد تقرّرت حرمة المساكن بهذا النص الكريم؛ بحيث لا يجوز للشخص أن يدخل بيتًا غير بيته إلا بعد أن يستأذن، بل يستأنس، ويسلم على أهله، ولا يجوز دخول مسكن شخص في غيابه إلا بإذنه، وعند عدم الإذن في الدخول يجب الرجوع؛ وذلك أزكى وأطهر عند الله تعالى، وهو يعلم ما تخفيه الصدور من الحفاظ على حرمة المساجد، أو الرغبة في انتهاكها والاطلاع على عورات الناس.
٤ - سرية المراسلات:
بمعنى عدم جواز مصادرة أو اغتيال سرية المراسلات بين الأفراد؛ لما يتضمنه ذلك من الاعتداء على حق ملكية الخطابات المشتملة على هذه المراسلات؛ ولما في ذلك انتهاكٍ لحرية الفكر، وفي النظام الإسلامي لا يجوز الاعتداء على سرية المراسلات؛ لكونها مملوكةً لصاحبها، فيكون في الاعتداء عليها اعتداء على حق الغير، وهو لا يجوز شرعًا إلا بإذن صاحب الحق ورضاه، وأيضا فالرسالة تعتبر بمثابة الوديعة حتى تصل إلى المرسلة إليه. ومن المعلوم أن الوديعة أمانة، وقد أمر الله تعالى بأدائها إلى أهلها؛ ومن ثم فلا يجوز المساس بها، أو التصرف فيها من قبل المودع لديه؛ لأن ذلك ينطوي على تجسس، وتتبع للعورات، قد نهانا الشرع عنه وحذرنا منه.