إذن: الجماعة -الأحناف- الذين منعوا تأثير الخلطة في الزكاة، لا يتحدثون بعد ذلك في مقدار النصاب، أو غيره، فهم منعوا الأمر منعًا باتًّا، وانتهى الأمر، وقالوا: لا ينظر إلى هذه الخلطة إطلاقًا، وإنما ينظر إلى مال كل واحد على حدة.
هذا بالنسبة لموقفهم من ثبوت التأثير للخلطة على وجه العموم.
ويقول الأحناف: وأما إذا اختلط في نصابين بحيث يملك كل واحد منهما نصابًا، فإن الزكاة تجب فيه، كأن يكون مال الخَلِطين ثمانين، لكل منهما أربعون، فوجبت فيها شاة؛ لأن في كل أربعين شاة شاة.
هذا -كما قلنا- رأي الجمهور، ورأي الأحناف بالنسبة لتأثير الخلطة بالنسبة للزكاة.
جمهور الفقهاء استدلوا على ما ذهبوا إليه وهو أن للخلطة تأثير في الزكاة؟
استند أصحاب هذا الرأي إلى النصوص الواردة في هذه المسألة، ودلت دلالة واضحة على ثبوت التأثير للخلطة في الزكاة، منها: قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يُجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع؛ خشية الصدقة، وما كان من خلِطِين فإنهما يتراجعان بالسوية)) فهذا الحديث يدل دلالة واضحة على أن: مِلك الخلطين كملك رجل واحد، وهذا حديث مخصص لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة)).
وبناء على ذلك في المثال الذي ذكرناه: لو كان لكل واحد منهما عشرون شاة، ثم حدثت بينهم خلطة، فبناء على رأي جمهور الفقهاء: عليهم أن يخرجوا شاة؛ لأن باجتماع المالين وجد النصاب، لكن عندما يخرجون شاة: كل واحد يرجع على صاحبه، فكل واحد منهم إذًا سوف يتحمل نصف شاة كما ذكرنا.
واعترض أصحاب الرأي الثاني -وهم الأحناف- على ما استدل به أصحاب الرأي الأول -وهم الجمهور- بقولهم: إن الشريكين قد يقال لهما: خالطان،