للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونأتي الآن إلى نصاب الزكاة في الإبل، أول نصاب الإبل خمس بالإجماع، فلا تجب الزكاة فيها إلا إذا بلغت خمسة سائمة لمدة عام كامل عند جمهور الفقهاء، وذلك لحديث الصحيحين: ((ليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة)) الذود نوع من الإبل، فهذا الحديث يقول إنه إذا لم تصل إلى خمس من الإبل فلا صدقة فيها، ليس فيما دون خمس زود من الإبل صدقة، فِإذا بلغت الإبل خمسًا هنا يبلغ النصاب، لكن هل نُخرج الزكاة من جنس الإبل أو لا؟ هنا نقول: إذا بلغت الإبل خمسًا وجب فيها الزكاة، والواجب شاة من الضأن، وهو من غير جنس المال، وذلك على خلاف الأصل.

الأصل أن الزكاة تخرج من جنس المال، لكن جاء هنا بين الفقهاء أن الإبل إذا بلغت خمسًا فهنا بلغت نصابًا أي أنه تجب فيه الزكاة، لكن المقدار الواجب إخراجه ليس من جنسها، وإنما نخرج شاة عن هذه الخمس من الإبل، وهذا كما قلنا خلاف الأصل، لماذا إنما كان على خلاف الأصل للرفق بصاحب المال والفقير معًا؛ لأن الأصل أن زكاة المال تخرج المال أي تخرج من المال ولو خرج الواجب هنا من جنس المال فإن كان بعيرًا كاملًا تضرر المالك؛ لأنه كثير، وإن أوجبنا جزء البعير فقط تضرر به الفقراء، بل وصاحب المال أيضًا لعجزه عن تسليمه الجزء لهم بدون الكل إلا بذبحه، وهذا ضرر بالنسبة له، وقد ينقص هذا من قيمته، وقد يكون الفقراء في غير حاجة إلى اللحم، بل هم في حاجة إلى الخبز أو اللبس مثلًا، ولا يجدون من يشتري اللحم منهم، فلذلك أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- أي أمر بأن نخرج شاة بدل أن نخرج واحدة من الإبل؛ لأن قيمة الشاة كما قلنا أقل بكثير من قيمة الواحدة من الإبل، ولذلك -كما قلنا- إن وجب فيها شاة؛ لأن في ذلك تحقيق لمصلحة الطرفين.

مصلحة الفقير حتى لا يحرم من الزكاة في هذا المقدار من المال، وأيضًا مصلحة صاحب المال؛ لأننا لو أوجبنا عليه واحدة من الأربعة من الإبل، لو أوجبنا عليه

<<  <   >  >>