أبو زهرة: إن العلة في فرضية الزكاة التي يناط بها الحكم بوجوبها هو المال النامي بالفعل أو بالقوة، أي: القدرة على تنميته وإن لم يعمل على تنميته بالفعل، وأن هذه العلة تؤخذ من تعليلات الفقهاء في مواضع مختلفة، وبتتبع الأموال التي تجب فيها الزكاة.
ثم يقول: فهل إذا جدّ في هذه العصور أموال نامية، بعضها لم يكن ناميا في عصر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا في عصر الصحابة، ولا الأئمة المجتهدين، فهل يسوغ لنا أن نفرض فيها الزكاة تطبيقًا للعلة التي استنبطها الفقهاء لحكم وجوب الزكاة، وإذا فعلنا ذلك لا نكون قد أتينا ببدع من الأحكام الشرعية، والجواب عن ذلك أن هذا سائغ لنا ونحن فيه لا ننشئ اجتهادًا، ولكن نطبق علة القياس. وهذا مقال للشيخ أبي زهرة ضمن أبحاث المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية لعام ١٣٨٥ هجرية ١٩٦٥م بحث بعنوان (الزكاة) صـ١٧٩ وما بعدها.
ثم يقول الشيخ: إن تعميم الأحكام الخاصة بالزكاة في كل ما يتحقق فيه العلة يؤدي إلى أمر حق، ويمنع أمرًا ظالمًا؛ لأنه يؤدي إلى المساواة العادلة بين الناس، فلا تجب الزكاة في زرع من يملك فدادين، ويُعفى منها من يملك عمارات فخمة، تدر عليه درًّا كثيرًا يساوي عشرات الأفدنة، ويُعفى من كان له رأس مال وضعه في مصنع يُدِرّ عليه ربحًا فائضًا كبيرًا، والأمر الظالم الباطل الذي يمنع فرض الزكوات على الأموال التي تدر مالًا كثيرًا، ولم تكن في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو أن يفر الناس مما تجب فيه الزكاة إلى ما لا تجب فيه الزكاة، فتكون الكثرة الكاثرة في جانب من أبواب الكسب، والقلة في باب آخر، وربما كانت حاجة الأمة إليه أمس وأشد.
على ضوء هذه الحقائق المقررة نقول: إن كل مالك يتحقق فيه النماء، والشروط التي ذكرها الفقهاء تجب فيه الزكاة، ولو لم يكن جاء به النص عن رسول الله