يؤدي المكلف القدر الواجب عليه مرتين في نفس السنة, فإذا حدث ازدواج في أداء الجزية, فإن الشخص الذي لحقه هذا الازدواج يكون قد تحمل عبئًا ماليًّا, أكبر من العبء الذي يتحمله مكلف آخر له نفس المقدرة المالية التي للمكلف الأول, وبهذا تنتفي المساواة بين المتماثلين, وفي هذا إهدار لمبدأ المساواة الذي يجب أن يسود بين المكلفين بأداء الجزية, ومن ناحية أخرى فإن الشخص الذي لحقه الازدواج سيفقد الثقة في الجهاز القائم على تحصيل الجزية؛ نتيجة شعوره بظلم وقع عليه, وهذا ما قد يؤدي إلى التهرب ما يجب عليه من جزية, والتهرب -كما ذكرنا سابقًا- يهدر مبدأ المساواة بين المكلفين في تحمل التكاليف المالية المقررة, أما في حالة العمل على منع هذا الازدواج فإن كل مكلف سيتحمل قدرًا من التكاليف المالية, يتناسب مع مقدرته المالية, وبالتالي سيتحقق مبدأ المساواة بين المواطنين في تحمل التكليف بالجزية.
وبالنسبة لموضوع تجنب الراجعية في الجزية نقول:
فُرضت الجزية على أهل الذمة, وحُدد مقدراها, والخاضعون لها, فقد بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذ بن جبل إلى اليمن, وأمره أن يأخذ من كل حالم دينارًا, أو عدله من المعافر, كما حدد عمر بن الخطاب مقدار الجزية, وجعلها متدرجة, ففرضت على الغني جزية مقدارها ٤٨ درهمًا في السنة, وفرضت على المتوسط بمقدار ٢٤ درهمًا في السنة, وفرضت على العامل اليدوي ١٢ درهمًا في السنة, وحُدد ميعاد أداء الجزية بما يتفق ومصلحة المكلفين, وكان ذلك يختلف باختلاف الجهات, والأقطار, وهي عادة تؤخذ عند نهاية الموسم الزراعي, وعند بيع الغلة؛ تيسيرًا على دافعيها, وهذه الجزية محددة المقدار ولا يجوز تعديلها من أي من الأطراف المتعاقدة,