إن العمومية في الخراج تعني أن يؤدي جميع من توافرت بالنسبة له شروط وجوب الخراج يؤدي المقدار المحدد والمفروض عليه من هذا الخراج، فلا يعفى أحد من أدائه دون مبرر، وأيضًا تعني تلك العمومية أن يفرض الخراج على جميع الأراضي التي توافرت بالنسبة لها شروط وجوب الخراج، ومعنى ذلك أن العمومية في الخراج تجمع بين الشخصية والمادية، ولذلك سوف نتحدث عن العمومية الشخصية والمادية في الخراج.
فبالنسبة للعمومية الشخصية نقول: يعتبر الخراج ضريبة على إيراد العقار، وهو من الموارد المالية المستحدثة في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ولقد أوجبه باعتباره ولي أمر المسلمين ورفض ما طلبه بعض أصحابه من قسمة أرض السواد كما تقسم غنيمة الجيش، وتلا عليهم آيات الفيء من قوله تعالى:{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ}(الحشر: من الآية: ٦) إلى قوله تعالى: {وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}(الحشر: من الآية: ١٠) ثم قال: فقد أشرك الله الذين يأتون من بعدكم في هذا الفيء فلو قسمته لم يبق لمن بعدكم شيء، ولقد ذهب أبو عبيد في تأويله لما فعله سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حينما وضع نظام الخراج ووظفه على أهله أن جعله شاملًا عامًا على كل من صارت الأرض في يده، سواء كان رجلًا أو امرأة أو صبيًا أو مكاتبًا أو عبدًا، فصاروا متساوين فيها، فهو لم يستثن أحدا دون أحد، ومما يدل على ذلك أن عمر قال في دهقانة نهر الملك حين أسلمت: دعوها في أرضها تؤدى عنها الخراج فأوجب عليها ما أوجب على الرجال.