ذكر ذلك في كتاب (الخراج) لأبي يوسف: صـ١١٥ وما بعدها.
ولم يكتف الفقهاء باشتراط شروط معينة في عمال الخراج حتى تتحقق العدالة في التطبيق بل أضافوا إلى ذلك ضرورة رقابة هؤلاء العمال، ضمانًا لعدم خروجهم عن الحدود المرسومة لهم، وفي هذا المعنى يوصي أبو يوسف هارون الرشيد بضرورة مراقبة عمال الخراج، وذلك بأن يرسل خلف عماله قومًا من أهل الصلاح والعفاف ممن يوثق بدينه وأمانته، يسألون عن سيرة العمال وما عملوا به في البلاد، وكيف جبوا الخراج على ما أمروا به وعلى ما وظف على أهل الخراج واستقر؟ فإذا ثبت ذلك عندك وصح أخذوا بما استفضلوا من ذلك أشد الأخذ حتى يؤدوه بعد العقوبة الموجعة والنكال، حتى لا يتعدوا ما أمروا به وما عهد إليهم فيه، فإن كان ما عمل به والي الخراج من الظلم والعسف فإنما يحمل أنه قد أمر به، وقد أمر بغيره وإن أحللت بواحد منهم العقوبة الموجعة انتهى غيره واتقى وخاف، وإن لم تفعل هذا بهم تعدوا على أهل الخراج واجترءوا على ظلمهم وتعسفهم وأخذهم بما لا يجب عليهم. (الخراج) لأبي يوسف: صـ١٢٠ وما بعدها.
ويوضح أبو يوسف النتائج العظيمة المترتبة على تحقيق العدالة في التطبيق فيقول: إن العدل وإنصاف المظلوم وتجنب الظلم مع ما في ذلك من الأجر يزيد به الخراج، وتكثر به عمارة البلاد، والبركة مع العدل تكون، وهي تفقد مع الجور، والخراج المأخوذ مع الجور تنقص البلاد به وتخرب، وهكذا نجد أن التشريع الإسلامي يأمر عمال الخراج بالعمل على تحقيق العدالة الكاملة في معاملتهم للمكلفين بالخراج، ولا شك أن المعاملة الطيبة لهؤلاء المكلفين من شأنها أن تترك في نفوسهم أثرًا طيبًا، من شأنه أن يجعلهم لا يفكرون على الإطلاق في التهرب من أداء المقدار الواجب عليهم من هذه الضريبة، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى تحقيق المساواة الكاملة بين هؤلاء المكلفين في تحمل التكليف بالخراج.