فنقول أولًا: الإيمان بالفكرة: مضمون ذلك أن الدولة عليها أن تعتنق فكرة واحدة تتلخص في الالتفاف حول الإسلام عقيدة وشريعة، واعتبار الإسلامية هي الجنسية التي تثمل الرابطة السياسة، والقانونية بين المسلم، والدولة في الإسلام، وفي إطارها يكون الولاء للمسلم يضحي بكل ما يملك في سبيل إسلامه ودينه، ويسموا به فوق كل رابطة، وبذلك يكون المسلم كما أراده الله تعالى بقوله:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}(الأنعام: الآية: ١٦٢) وقوله -عز وجل-: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا}(الأنعام: ٧٩).
ويترتب على ذلك أنه لا مجال في ظل الإيمان بالفكرة لدولة تتقاتل فيها العصبيات، أو تبرز فيها القوميات، أو يتعالى فيها الأجناس؛ فإن السياسة الدينية قد صهرت كل هذه النعرات في عقيدتها، وجعلت جميع المسلمين يرفعون راية التوحيد في معتقداتهم، ويؤمنون بالأنبياء جميعًا، وبأن محمد -صلى الله عليه وسلم- خاتم الرسل، وأن رسالة الإسلام هي الرسالة العامة للكافة، وأن يوجهوا سياستهم مع الغير وفق هذه الحقيقة.
ولا يعني ذلك أن المسلم لا يشعر بالمودة، والرحمة نحو أبناء قومه، أو جنسه، وإنما يعني: أن يكون ذلك بحيث لا يطغى على ولاءه لإسلامه، واعتبار الأخوة هي المعيار الذي يربط بينه، وبين كل المسلمين، سواء كانوا من أبناء جنسه، أو من غيره، كما لا يعني: توجيه سياسة الدولة بالإسلام مع غير المسلمين أن تفرض عقيدة الإسلام عليهم، فهذا ما يأباه الإسلام بمقتضى نص محكم في قوله تعالى:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ}(البقرة: من الآية: ٢٥٦) وقوله -سبحانه وتعالى-: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}(يونس: من الآية: ٩٩).
وبالنسبة للولاء للوحدة نجد أن الوحدة مرتكز من مرتكزات السياسة الإسلامية تجمع المسلمين على المبدأ والغاية، وتنأى بهم عن التفرق، وكل سياسة لا تجعل