أو فيما ثبت بالإجماع كبيعة الإمام؛ فهذه المبادئ، وأمثالها -المبادئ التي ذكرناها مثل الحكم بالعدل، ومثل المشاورة، ومثل طاعة الإمام في غير معصية، ومثل تحقيق العدل، والمساواة بين الناس.
نقول: هذه المبادئ وأمثالها تمثل ركائز للسياسة الإسلامية لا مجال للتردد في الأخذ به، ولا يعتد برأي الأمة، أو الحاكم إذا خالفها، وسبب التقيد بمثل هذه الركائز أنه لا سبيل إلى إقامة حكم صالح، وانتهاج سياسة قوية دون الاعتماد عليه أو الاستناد إليها؛ فإن كنت في شك من ذلك؛ فانظر في آثار الأمم العظيمة في الماضي والحاضر؛ تجد أن من أسباب بلغوها ذروة المجد هو التمسك بهذه المبادئ، وغيرها مما لا مجال للتقدم بدونها.
من أجل ذلك جاءت الشريعة حاسمة في وجوب التقيد بهذه القواعد قال تعالى:{وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ}(المائدة: ٤٩) وقوله: تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}(الجاثية: ١٨).
فإذا كان الأمر كذلك فإن قضية التقيد بالنصوص تصبح من القضايا التي ليست محلًا لخلاف، أو إثارة الجدل حولها، وكل ما يمكن للأمة، أو الحاكم في هذا المجال هو التفسير، ومراعاة أحوال الأمم، وتغير الأزمان في نطاق التفصيلات المتعلقة بالمبدأ، وإبداء التصورات التي يكون على أساسها التطبيق دون أن يمس ذلك المبدأ في ذاته.
الأمر الثاني: أن قواعد السياسة، والأنظمة المتعلقة بالحكم التي لم ترد في الكتاب، أو السنة تخضع للقواعد العامة في الشريعة مثل: تنصيب الحاكم عن طريق الاستفتاء، وأن تكون مدة الحاكم مؤقتة بزمن معين، والأخذ بالمجالس النيابية؛ فإن هذه الأمور وأشباهها يمكن الرجوع بشأنها إلى القواعد لتقرير الأخذ