ومعلوم أن مصادر الفقه الإسلامي تنقسم إلى: مصادر نقلية تتمثل في الكتاب، والسنة؛ لكونها نقلت إليها عن طريق الوحي، ولم يكن للعقل مجال في وضعها، وإن كان لا بد من إعمال العقل في فهمها، واستنباط الأحكام منها. وتقسم كذلك إلى مصادر أخرى عقلية، وتشمل جميع تلك المصادر التي تتم عن طريق الاجتهاد -بمعناه الواسع- ومن الأصوليين من يقسم هذه المصادر إلى: مصادر أصلية هي القرآن والسنة، وأخرى تبعية أرشدت إليها النصوص، واعتبرتها في استنباط، أو تأسيس الأحكام عليها -عند عدم، وجود النص- وذلك كالإجماع، والقياس، والمصالح المرسلة، ونحوه.
ولذلك فسوف نجعل دراستنا في هذا متضمنة لمصادر النظام السياسي الإسلامي، سواء منها الأصلية، أو التبعية؛ فنتحدث أولًا عن القرآن الكريم كمصدر للأحكام السياسية، والدستورية.
القرآن الكريم: هو كلام الله -سبحانه وتعالى- الذي نزل به جبريل الأمين -عليه السلام- على نبينا -صلى الله عليه وسلم- وهو ما نقل إلينا بين دفتي المصحف نقلًا متواترًا، وقد اهتم الصحابة -رضوان الله عليهم- بنقله وتجريده عما سواه، وبالغوا في ذلك؛ حتى أنهم كرهوا التشكيل، والنقط؛ كي لا يختلط بالقرآن غيره، فالمكتوب بين دفتي المصحف هو القرآن كاملًا غير منقوص؛ إذ يستحيل في العرف، والعادة -مع توفر الدواعي على حفظ القرآن ونقله- أن يهمل بعضه؛ فلا ينقل، أو يخلط به ما ليس منه.
وقد ابتدئ نزول القرآن على النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة عام ٦١٠ ميلاديا، وذلك في اليوم السابع عشر من رمضان للسنة الحادية والأربعين من ميلاده -صلى الله عليه وسلم-