للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجية الإجماع:

يستدل على حجية الإجماع بنحو قول الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (النساء: ١١٥) فهذا يوجب إتباع سبيل المؤمنين، ويحرّم مخالفتهم، ولا يقال في هذا الصدد: بأنه إنما توعد على مشاقة الرسول، وترك إتباع سبيل المؤمنين معه، فالتارك لأحدهما بمفرده لا يلحق به الوعيد، لا يقال: مثل ذلك؛ لأن التوعد على شيئين يقتضي أن يكون الوعيد على كل واحد منهما منفردًا أو بهما معًا، ولا يجوز أن يختص الوعيد بأحدهما دون الآخر.

وفي السنة ما يشهد لحجية الإجماع كقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تجتمع أمتي على ضلالة)) وفي رواية: ((لم يكن الله ليجمع هذه الأمة على خطأ)) وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رأوه قبيحًا فهو عند الله قبيح)) وقال أيضًا: ((من فارق الجماعة شبرًا فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه)) وقال أيضًا: ((من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية)).

فهذه الأخبار لم تزل ظاهرة مشهورة في الصحيحة والتابعين لم يدفعها أحد من السلف والخلف وهي وإن لم يتواتر آحادها حصل لنا بمجموعها العلم الضروري: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عظّم شأن هذه الأمة وبين عصمتها من الخطأ، ومن وجه آخر أن هذه الأحاديث لم تزل مشهورة بين الصحابة والتابعين يتمسكون بها في إثبات الإجماع، ولا يظهر فيه أحد خلافًا.

قد يرد سؤال هنا، وهو: هل يكون الإجماع مصدرًا للأحكام الدستورية والسياسية؟

<<  <   >  >>