قوله تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ} نقول: في حين أن هذه الآية تفرض أن يكون في الناس جماعة مجدون أقوياء يتولون الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وهذا الفرض عام ملزم للحكام والمحكومين على وجه اليقين.
السنة النبوية وموقفها من الشورى:
حتى يتسنى لنا الوقوف على مسلك النبي -صلى الله عليه وسلم- بخصوص تطبيق هذه القاعدة أي قاعدة الشورى، ومدى التزامه بالأمر الوارد في الآية الكريمة {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} فإن الأمر يقتضي أن نحدد مدى التزام الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مشاورة أصحابه فيما يريد أن يقدم عليه من الأمور.
وإذا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان من المحتم عليه أن يشاور فإن الأمر يقتضي أن نوضح نقاط أو نطاق هذا الالتزام.
وترجع أهمية بيان ذلك إلى: أنه إذا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان من المحتم عليه أن يشاور فإن هذا الالتزام يقع من باب أولى كواجب حتمي على من بعده من الخلفاء والحكام.
ولتوضيح هذه الأمور فإن ذلك يقتضي أن نذكر بعض السوابق التي حدثت في عهد النبوة، وعلى ضوءها يمكن أن يتحد نطاق هذا الواجب ومداه، وسوف نرى: أن هذه السوابق تدل على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يعمل بالشورى في كل ما لم يجئ به نص في القرآن الكريم.
وسوف نوضح -أولًا- بعض السوابق في عهد النبوية، ثم نتعرض لمدى التزام الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالمشاورة ونطاق هذا الالتزام، وفي النهاية نوضح مدى التزام الرسول -صلى الله عليه وسلم- بإتباع ما ينتهي إليه أهل الشورى.