الأمر الأول: أن التعاليم التي جاء بها الشارع في نطاق تنظيم المجتمع, ومنها ما يتعلق بتنظيم الحكم في الدولة الإسلامية, ليست تعاليم منصبة في قوالب جامدة, لا تقبل التطبيق, إلا على أسلوب واحد, بل الأمر على خلاف ذلك فالهدف واضح ومحدد, ولا مجال لتغييره وتبديله إلا إن أسلوب التنفيذ وصيغ التطبيق قابلة لهذا التغير والتطور, وواجب كل جيل أن يستبين الهدف, ثم يتخير الأسلوب الذي يتواءم معه على ضوء ظروف البيئة, وما يقتضيه العصر, مستفيدًا في ذلك بكل ما استحدثه العلم الذي أمرنا الله -عز وجل- باجتلاء أفاقه مع مراعاة الظروف التي تحيط بالدولة الإسلامية, وأي جيل في أي زمن سيجد دائمًا النصوص تتسع لتنظيم المجتمع, وفقًا لحاجاته المستجدة, وما انتهى إليه التطور.
الأمر الثاني: أن القواعد الكلية والأصول الشاملة التي جاءت بها الشريعة تبقى بعد ذلك كفرائض إلزامية, وواجبات محددة, يجب العمل بها ولا يجوز الخروج عنها بأي حال من الأحوال؛ لأنها تمثل الإطار العام للنظام العام الإسلامي, والتي لا تقبل تغييرًا ولا تبديلًا.
إذن فالمبدأ ثابت ولا رأي لأحد فيه ولا تملك الأمة تغييره, أما أساليب التنفيذ وصور التطبيق فمتغيرة ومتطورة دون أن يكون في ذلك ما يغاير المضمون أو يضيف إليه, ويكون للأمة في أي وقت حسبما يقتضي ذلك مصلحتها أن تعيد النظر في التطبيق طبقًا لما تحتمه الظروف والأوضاع التي تواجهها.
يبقى أمامنا أن نحدد طريقة اختيار أهل الشورى على ضوء ما أوضحنا من ضرورة التفرقة بين المبدأ وأسلوب التنفيذ, فالشورى قد أكدت حق الأمة في