على التعميم، فليس من الصواب إذا أن تكون المشورة لأكثرية الناس، وإنما يجب أن نرجع في الشورى إلى أهل الرأي والحكمة بدليل قوله تعالى:{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}(النساء: من الآية: ٨٣) ويقول تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}(الزمر: من الآية: ٩).
ثانيا: ومن الرد عليهم أيضا نقول لهم: وأما عن استدلال الأستاذ المودودي، وغيره بقول الله تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ} على أنها توجب الأخذ بنظام الانتخاب العام، فإنه استدلال قد جانبه التوفيق والحكم في ذلك هو تفسير هذه الآية، وما ترمي إليه كما ذكره المفسرون؛ ولذلك نقول لأصحاب ذلك الاستدلال إن مذهب المعتزلة قد قام على خمسة مبادئ أساسية معروفة أحدها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورغم ذلك فإننا لا نجد أولئك المعتزلة يفسرون هذه الآية بما يجعل الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر واجبا على كل الناس، بدليل أننا نجد عالما كبيرا من علمائهم المفسرين، وهو الإمام الزمخشري يفسر هذه الآية تفسيرا يبعد تماما عن المعنى الذي يستند إليه من يستدل بها على إيجاب الإسلام لنظام الانتخاب العام، فهو يقول: إن النهي عن المنكر من فروض الكفايات لا فرض عين؛ لأنه لا يصلح له إلا من علم كيف يرتب الأمر في إقامته، وكيف يباشره، ثم إن النظر في هذه الآية لا يعطي دلالة على العموم، والإطلاق فمن يقومون بالمعروف والنهي عن المنكر فهي تقول:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ} ومنكم تعني البعض، وليس كل الأمة، أو كل الناس، ولو أراد الله تعالى أن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبا على كل الناس لذكره.