١ - العقوبات البدنية، وهذا ظاهر في قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كنت جلدت له ظهرا، فهذا ظهري فليستقد منه)).
٢ - العقوبات المتعلقة بالشرف والعرض، وهذا يستفاد من قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((ومن كنت شتمت له عرضا، فهذا عرضي فليستقد منه)).
٣ - العقوبات المالية، وذلك في قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((ومن أخذت له مالا، فهذا مالي فليأخذ منه)).
ثم إنك تدرك من قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- قمة الامتثال في أداء واجب العدالة، يتجلى ذلك في قوله:((إلا وإن أحبكم إلي من أخذ مني حقا إن كان له، أو حللني فلقيت ربي، وأنا طيب النفس)) وهذا يجعل المرء يستيقن من أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يؤكد واجب المسلمين في اقتضاء حقوقهم أو العفو عنها إن كانت نفوسهم تسمح بذلك.
ونظرا لهذه القيم العالية التي يغرسها العدل في الراعي والرعية، فإن خلفاء المسلمين كانوا أحرص الناس على تطبيق العدل بين من ولوا أمرهم، وكانوا يتحرون ذلك مخالفين لداعي الهوى، واتباع ما توسوس به النفس البشرية للإنسان من ظلم من يبغضه، ومن الإفراط في التودد إلى من يحب، وكلاهما مجانب للعدل، والتمس ذلك في سيرتهم تجده واضحا جليا لا خفاء فيه، وأن رصيدهم في تحري العدل، والتمسك به فاق أرصدة الدول الأخرى مجتمعة.
يروى في ذلك أن عمر بن الخطاب قال لأبي مريم السلولي، وكان هو الذي قتل أخاه زيد بن الخطاب: والله إني لا أحبك فقال له هذا الرجل: أفيمنعني ذلك حقا؟ يعني: عدم حبك لي هل يكون سببا في أنك تمنع عني حقا من الحقوق التي قررها لي الإسلام، أفيمنعني ذلك حقا؟ فقال: لا يعني: بغضي لك، وعدم حبي لك، لا