لبعض أنواع الاضطهاد، وخصوصًا في عصر العباسيين؛ حيث اضطهد الإمام أحمد بن حنبل بسبب مخالفته المأمون في مسألة خلق القرآن، واضطهد الإمام مالك في عهد أبي جعفر المنصور؛ بسبب فتواه بعدم صحة بيع المكره، واضطهد الإمام أبو حنيفة؛ لعدم توليه القضاء، واضطهد ابن رشد وابن حزم ... وغيرهما، ولكن على كل حال لم يكن هذا الاضطهاد الفكري معبّرًا عن رأي الإسلام، فهو واقع مغلوط، أملته بعض الأهواء، ولا يصح أن يكون حجةً على الإسلام.
ومن الأمور التي مُنِيَتْ بها حرية التفكير في النظام الإسلامي، وبخاصة في المجال الفقهي: إغلاق باب الاجتهاد، ومنع العلماء من ممارسته، وكان هذا كالمقدّمة لفترة الجمود التي عانى منها الفكر الإسلامي بعد القرن السادس الهجري؛ حيث اقتَصر عمل العلماء والفقهاء على مجرد ترديد أقوال السابقين، أو تخريجها، ووضع الحواشي عليها، دون أن يكلف الفقهاء أنفسهم معونة البحث والنظر لاستنباط أحكام الوقائع المستحدثة؛ ولذا فمن اللّائق أن تمارس الحرية الفكرية، ولاسيما في المجال الفقهي، لكل من يقدر على ذلك؛ ليستطيع الفكر الإسلامي أن يواكب الأحداث المتطورة، لكن يجب دائمًا ألا يتصدّى للاجتهاد إلا من توافرت فيه الشروط الشرعية المعروفة في الوصول؛ لئلا ينفتح المجال أمام الجهلة للعبث بأحكام الشريعة.
ولكن حرية الرأي في النظام الإسلامي يجب أن تكون مقيدةً بما يلي:
أ- أن يكون القصد من ذلك النصيحة لله، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، كما صحت بذلك السنة؛ ففي الحديث الشريف:((الدين النصيحة. قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم)).
أما أن يكون إبداء الرأي لمجرد التشهير بالحكام، والإساءة إليهم، والانتقام منهم، وحمل الناس على التجرؤ عليهم ... ونحو ذلك من الأغراض غير الصحيحة، التي