للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - حرية العمل والتكسب:

الإسلام دين العمل، دعا الناس إليه، وحثهم عليه، ولم يفرِّق بين عمل وآخر ما دام في إطار المشروعية، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (المُلك: ١٥).

فقد امتن -سبحانه وتعالى- على عباده بأن جعل لهم الأرض سهلة لينة يستقرون عليها، ولم يجعلها خشنة، بحيث يمتنع عليهم السكون فيها والمشي عليها، ثم رتّب على ذلك الأمر بالمشي في الأرض، على وجه الإباحة؛ ليأكل الإنسان مما رزقه الله وخلقه له في الأرض.

روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله يحب العبد المؤمن المحترف)) وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((ما أكل ابن آدم طعامًا خيرًا من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده)) وقوله -عليه السلام-: ((من بات كالًّا في طلب الحلال بات مغفورًا له)) قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض)).

وإذا كان الإسلام قد دعا الناس إلى العمل على هذا النحو، فإنه قد ترك لكل فرد مطلق الحرية في اختيار العمل الذي يناسبه؛ لأن الناس متفاوتون في ذلك، وما يصلح لفردٍ لا يصلح لآخر، ويجوز لأي فرد أن يختار لنفسه العمل الذي يعود نفعه عليه. ويجوز للدولة بطبيعة الحال أن تفرض من القيود على حرية الأفراد في اختيار أعمالهم ما تضمن به الحفاظ على المصلحة العامة في المجتمع، فتنظم الزراعة بغرض زراعة بعض المحاصيل التي تحقق الربح، فينتعش اقتصاد الدولة، أو تحتاج إليها الأمة في غذائها ... ونحو ذلك، ولها أن تمنع زراعة المحصولات المضرة بالمصلحة العامة، كزراعة الحشيش، والقات ... ونحو ذلك، ولها أن تنظم الصناعة على هذا النحو، وكذلك التجارة، وليس هذا فقط، بل على الدولة

<<  <   >  >>