بمعنى أن يجد الفرد ضمانًا عامًّا من الدولة عند الفقر أو المرض، فلا يهلك فرد في دولة المسلمين، وهم ينظرون إليه ويعرفون حاجته وعوزه؛ لأن ذلك يتنافى مع غرض الشارع الذي يجعل المؤمنين كالجسد الواحد -كما ذكرنا- والذي يحث على التعاون على البر والتقوى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}(المائدة: من الآية: ٢).
وقد ذكر الله تعالى في "سورة البقرة" تفسيرًا لمعنى البر فقال -عز من قائل-: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ}(البقرة: الآية: ٧٧).
وفي ذكر الله -سبحانه وتعالى- للزكاة بعد ما سبقها؛ ما يدل على أن الإيتاء الذي قبلها هو من باب التطوع؛ لأنه من المعلوم أن الزكاة ركن من أركان الإسلام، وفيها ما فيها من سد حاجة المحتاجين، وعوز المعوزين، فلو أن الناس جميعًا أدوا ما عليهم من الزكاة؛ فإنه لا يكون في مجتمع المسلمين من يتضرر من الجوع، أو يكتوي بنيران العوز والحاجة، فما بالك لو تطوعوا وعملوا في تحقيق البر؟!.
وفي السنة أيضًا نصوص كثيرة تؤكد على هذا المعنى، وتحث المسلمين على التعاطف والتراحم فيما بينهم، كقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل الصائم النهار)) وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان معه فضل زاد فليعد به على من لا زاد له)).