القلم عن ثلاثة (ذكر منهم): الصبي حتى يبلغ أو يحتلم، والمجنون حتى يفيق)) فهؤلاء غير مسئولين؛ ولذلك لا يتوجه إليهم واجب الأمر بالرقابة.
- الشرط الآخر من شروط من يمارس الرقابة: العدالة:
وشرط العدالة هو مما اختلفت حوله وجهات نظر الفقهاء:
فالبعض يرى ضرورة أن يتوفر فيمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر هذا الشرط، يعني بعض الفقهاء يقولون أنه لا بد وأن تتوفر العدالة فيمن يمارس الرقابة؛ ومن ثم يجب أن يكون المحتسب أو الذي يقوم بالرقابة متنزهًا عمّا نهى عنه الشارع غير متلطخ به، وهو ما تدل عليه النصوص في القرآن والسنة، أما من حيث النصوص التي توجب ذلك في القرآن كقوله -عز وجل-: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ}(البقرة: ٤٤) وقوله -عز وجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}(الصف: ٢ - ٣).
هذه هي الآيات التي تدل على أن الذي يمارس الرقابة أو المحتسب، يجب عليه أن يكون عدلًا، بمعنى ألا يكون قد أتى هذا المنكر الذي يريد أن ينهى عنه.
أما الاتجاه الثاني من العلماء فيرى عدم اشتراط هذا الشرط، يعني بعض الفقهاء لا يشترطون في المحتسب أن يكون عدلًا، ويقرر الشيخ الغزالي بأن كل ما ذكروه خيالات، فالفاسق له الحق في ممارسة هذا الواجب؛ لأن حرمانه من هذا الحق، وعدم تسويغ ممارسته من الفاسق، يعني أن من يمارسه لا بد وأن يكون معصومًا من المعاصي، ولو قيل ذلك؛ فإن هذا القول مخالف للإجماع الذي انعقد على عدم العصمة؛ فالصحابة غير معصومين، كما أن الأنبياء قد اختلف في عصمتهم، إلى جانب أن النصوص عامّة توجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الفاسق والعدل.