إلى غير ذلك من الأقوال التي تدل على أنهم جعلوا الإيمان بالإمام جزء من الإيمان بالله تبارك وتعالى، كل ذلك يدلنا على المدى الذي وصل إليه الشيعة في إيمانهم بالإمامة والأئمة.
وقد ترتب على هذا -كما قلنا- أن الشيعة أدمجوا المباحث المتصلة بالإمامة بمباحث علم الكلام، وعلم الكلام هو الذي يبحث فيه الأشياء التي لا يكون الإنسان مؤمنًا إلا بها مثل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله إلى غير ذلك، أو ما نطلق عليه علم التوحيد، فعلم الكلام يبحث في العقائد، الشيعة بحثوا الإمامة في علم الكلام باعتباره العلم الذي يتعرض للعقيدة، ولا عقيدة لمؤمن حتى يؤمن بالأئمة كما يذهبون.
وعلى الرغم مما في ادعاء الشيعة أن الإمامة أصل من أصول الإيمان من شذوذ ظاهر عن إجماع الأمة، إذ المعروف في دين الإسلام أن الكافر إذا اعتقد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وأدى حقوق هذه الكلمة صار بذلك مؤمنًا، يؤيد ذلك قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام)) ففي الحديث لم يذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- الإيمان بالأئمة، ويقول -سبحانه وتعالى-: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}(التوبة: من الآية: ٥) ولم يذكر أيضًا في هذا الإيمان بالأئمة، وقال -سبحانه وتعالى-: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}(التوبة: من الآية: ١١) ولم يذكر في كل ذلك الإمامة لا من قريب أو من بعيد.
ولم تُذكر الإمامة في أركان الإيمان، في الحديث المتفق عليه المبين للإسلام وللإيمان وللإحسان، فقد أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- جبريل في صورة أعرابي وسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان فقال له:((الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت)) ولم يذكر في ذلك الإمام ((والإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والبعث بعد الموت وتؤمن بالقدر خيره وشره)) ولم يذكر الإمام، قال:((والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)) وهو حديث متفق عليه أجمع العلماء على صحته.