ميتة الجاهلية)) ويقول أيضًا:((من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبرًا فمات إلا مات ميتة الجاهلية)).
وإلى جانب النصوص القاطعة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة انعقد الإجماع على وجوب طاعة أولي الأمر فيما يأمرون به أو ينهون عنه طالما كانت هذه الأوامر والنواهي في حدود ما أمر به الشارع.
ثم نتحدث عن حدود الطاعة فنقول: وإذا كانت السلطة التي تمارسها السلطة العامة في حدود أحكام الشريعة -فإن وجوب طاعته في هذه الحالة حتميّ على عامة المسلمين وخاصتهم من العلماء والفقهاء؛ لأن ممارسة السلطة العامة في هذه الحالة نافعة للناس في أمور دينهم ودنياهم، وحتى في الحالات التي لا يتبين للمحكومين فيها وجه النفع من وراء ممارسة السلطة فإن الأمر الصادر منها يكون واجب الطاعة طالما أنها لم تخالف نصًّا أو قاعدة كلية من نصوص وقواعد الشريعة، ذلك أن فرضية الطاعة ثابتة بأدلة مقطوع بصحتها وما تردد للمحكومين من نفعها أو عدم نفعها لا ينهض دليلًا لمعارضة هذه النصوص، ففي نطاق الأحكام الاجتهادية التي اختلفت حولها الآراء فإن حكم الحاكم فيها واجب الطاعة، ليس من العامة فقط ولكن من الفقهاء أِيضًا، سواء هؤلاء الذين يرون من رآه الحاكم أو هؤلاء الذين لم يوافقوا على ما رآه الحاكم ابتداء، ويتحكم على المخالف في هذه الحالة ألا يفتى خلافًا لما انتهى إليه الحاكم، ذلك أن حكمه في هذه المسائل التي لم تتفق حولها آراء العلماء لا يردّ ولا ينقض فلا تسوغ الفُتيا المخالفة، ذلك أن الفتيا المخالفة في هذه الحالة تؤدي إلى اضطراب الأحكام وتناقضها وتزعزع الثقة في حكم الحاكم، وهو خلاف المصلحة التي نصّب الحكم من أجلها.