ورواتبهم، وغير ذلك من الأمور التي تتصل بالجهاز الإداري، أنشأه سيدنا عمر بن الخطاب، ولم يكون موجودًًا أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أيام سيدنا أبو بكرٍ الصديق -رضي الله عنه وأرضاه- ومع ذلك أنشأه؛ لأن مصلحة المسلمين تقتضي ذلك، وهذا يعتبر حكمًًا من أحكام السياسة الشرعية، وكذلك ما فرضه من وظيفة الخراج -وهي الضريبة على رقاب الأرض- هذا أيضًًا فرضه سيدنا عمر بن الخطاب، ولم يكن ذلك موجودًًا أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أيام سيدنا أبي بكر، وإنما أنشأه سيدنا عمر؛ لأن مصلحة المسلمين تقتضي ذلك، ولم ينكر عليه أحد؛ ولذلك كان ذلك من باب السياسة الشرعية.
الأمر الثالث: كان تعدد المصاحف في صدر الإسلام أمرًًا عاديًّا، إذ كان من الجائز أن يكتب كل صحابيٍ مصحفًا بالحرف الذي سمعه به من النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما انتفت المصلحة؛ بسبب الاختلاف في القراءة؛ أمر سيدنا عثمان بن عفان بإبقاء مصحفٍ واحد، وحرق باقي المصاحف. لماذا فعل ذلك سيدنا عثمان بن عفان؟ فعل ذلك من أجل مصلحة المسلمين عندما وجد أن هناك بعض الخلافات سوف تنشأ بين المسلمين بسبب هذه القراءات المتعددة؛ ولذلك أراد أن يقضي على هذه الفتنة في مهدها؛ ولذلك أبقى مصحفًا واحدا، وحرق ما عداه.
الذي جعله يفعل ذلك إنما هو نوع من السياسة الشرعية -أي: من أجل المحافظة على مصلحة المسلمين.
الأمر الآخر: الذي يعتبر نوعًًا من السياسة الشرعية -ولا يعد مخالفة لنصوص الكتاب والسنة- ما فعله عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من حرمان المؤلفة قلوبهم من سهم الصدقات -وإن كان هذا السهم قد قرر لهم في القرآن الكريم صراحة بقول الله -تبارك تعالى-: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ}(التوبة: الآية: ٦٠).
نقول: على الرغم من وجود هذا النص الصريح بأنه هناك سهم للمؤلفة قلوبهم؛ فإن سيدنا عمر بن الخطاب لم يأخذ بظاهر اللفظ، ولم يقف عند حرفية النص، بل