١ - كانت ظروف المدينة السياسية، وإلا اجتماعية تسمح تماما بقيام دولة إسلامية على أرضها، ولو عدنا قليلا إلى الوراء نتعرف على تاريخ المدينة، سنجد أن سكانها الأصليين من العرب هم العمالقة نسبة إلى عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح، ثم قدمت إلى يثرب قبائل يهودية مهاجرة من فلسطين، وكدأب اليهود يسعون دائما إلى السيطرة على الموارد الاقتصادية، وعلى شئون المال في البلاد التي يسكنونها.
وبعد انهيار سد مأرب قدمت إلى يثرب قبيلتان يمنيتان هم قبيلتي الأوس والخزرج، وسمح اليهود لهاتين القبيلتين بالإقامة في يثرب؛ ليتخذوا منهم الأيدي العاملة في زراعاتهم، وكأنهم رقيق يعملون في ظل نظام إقطاعي، إلا أن هاتين القبيلتين نجحتا في التخلص من هذه السيطرة، وبدأتا في ممارسة نشاط اقتصادي مستقل، فحدث صراع بين عرب اليمن واليهود انتهى بانتصار قبيلتي الأوس والخزرج، ولما رأى اليهود ذلك مارسوا لعبتهم المحببة وهي إشعال نار العصبية بين القبائل العربية، فحدثت سلسلة من الحروب بين الأوس والخزرج، كادت تفني القبيلتين معا.
وهنا صار مجتمع المدينة مجتمع عداوات وصراعات تأخذ أشكال متعددة، اليهود يكرهون العرب، ويحاولون أن تكون السلطة في يثرب ويعيبون عليهم عبادة الأوثان، والقبائل العربية إلى جانب كراهيتها لليهود تكره بعضها البعض، وتتصارع من أجل أن تكون لكل منها السيادة على المدينة، ومع الحروب الطاحنة أصبح مجتمع يثرب في حاجة إلى نعمة الهدوء، والاستقرار، وتطلع الناس إلى أية دعوة تحقق لهم هذا الهدف.