المصدر الرئيسي للرقابة هو الرقابة الإلهية, وتنبع هذه الرقابة من إحساس المسلم بأن تصرفاته -وإن خفيت على الأجهزة الرسمية, أو على المجتمع- فإنها لا تخفى على الله -سبحانه وتعالى- بل ستكون مصدر ثواب, أو عقاب, يوم القيامة, يقول -تبارك وتعالى:{يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ}(الحاقة: الآية ١٨) ويقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ}(آل عمران: الآية ٥) ويقول تعالى: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ}(غافر: من الآية: ١٦) ويقول تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ}(البقرة: من الآية: ٢٨٤) والمسلمون جميعًا يوقنون بهذه الحقيقة, ويعلنونها دائمًا {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ}(إبراهيم: من الآية: ٣٨).
وأما بالنسبة للرقابة الذاتية فنقول:
يتميز المنهج الإسلامي باهتمامه بالأشكال المختلفة للرقابة, إلا أنه يعطي اهتمامًا أكبر للرقابة الذاتية النابعة من الضمير, ويعدها أنجح الأساليب الرقابية, والضمير هو صوت الله الحي الكامن في الإنسان, ويعرفه البعض بأنه: كل نزعة خيرية كامنة في الإنسان بالفطرة, ولقد وضع الإسلام في المسلم ضميرًا حيًّا لا يموت أبدًا؛ إذ ربط المسلم بالله -سبحانه وتعالى- برباط دائم لا نهاية له, وصلة قربى لا مسافة فيها, يقول تعالى:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}(البقرة: من الآية: ١١٥) ويقول تعالى: {وَهُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}(المجادلة: من الآية: ٧) ويقول -صلى الله عليه وسلم:((اعبد الله كأنك تراه, فإن لم تكن تراه فإنه يراك)) ويقول -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسادكم, ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)).