والإرشاد مما صاحبه من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ استقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- الوفود، ورسم لجماعة المسلمين كل ما يهديهم سواء السبيل.
ومن التنظيمات -المهمة للغاية- في المدينة، والتي قام بها النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الدستور الدائم، أو الصحيفة -كما يطلق أو كما يطلق عليه عند البعض- التي كتب فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- كيفية سير التنظيم الجديد في الدولة في المدينة، وبين -صلى الله عليه وسلم- في هذه الوثيقة، أو في هذا الدستور حقوق، وواجبات كل من في هذه الدولة، نقول: وتبلورت النظم الأساسية والتزاماتها في الدستور الدائم الذي وضعه الرسول -صلى الله عليه وسلم- لإقرار العلاقات ليس بين جماعة المؤمنين بعضهم البعض، ولكن بينهم، وبين جيرانهم من أهل المدينة أيضًًا، وصار هذا الدستور -الذي اشتهر باسم الصحيفة- صار أساس الدولة الإسلامية الوليدة، وأهم ينبوعٍ من ينابيع النظم الإسلامية التي صاحبت تطور هذه الدولة، واتساعها على مر العصور.
وأقر هذا الدستور النظم، والمبادئ الهامة التالية:
أولًا: بالنسبة لمفهوم الأمة، وحقوق المواطنة:
١ - عرف الدستور الأمة تعريفًا لا يستند إلى الأسس والنظم القبلية، وما اقترن بها من العصبية والنسب، وإنما قرر أن الأمة تضم كل من اعتنق الدين الجديد، دون نظرٍ إلى أصله، أو قبيلته، وجاء هذا المبدأ عنصرًا هامًًا جعل الأمة الجديدة أمة مرنة قابلةً للاتساع، وضم شعوبًا كثيرة إلى رحابهًا، وتجلى هذا المفهوم الجديد للأمة في مقدمة الدستور، حيث قررت أن المؤمنين، والمسلمين من قريش، ويثرب، ومن تبعهم فلحقهم بهم، وجاهد معهم أمة واحدة من دون الناس.