للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان عمر يمنع عماله وولاته من الدخول في الصفقات العامة سواء أكانوا بائعين أو مشترين، روي أن عاملًا لعمر بن الخطاب اسمه الحارث بن كعب بن وهب ظهر عليه الثراء فسأله عمر عن مصدر ثرائه فأجاب: خرجت بنفقة معي فتَجِرت بها فقال عمر: أما والله ما بعثناكم لتتجروا، وأخذ منه ما حصل عليه من ربحه.

وكان عمر لا يولي أحدًا من أقاربه وقد أعلن هذا المبدأ في الاختيار منذ توليه الحكم إذ قال: "من ولي من أمر المسلمين شيئًا فولّى رجلًا لمودة أو قرابة فقد خان الله ورسوله والمؤمنين" وقد صار عمر على هذا النهج مقتديًا نهج الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر بعدم توليته ذي القربى مناصب هامة في الأمصار، وقد بين عمر للناس موقفه من الولاة فقال: أنا مسئول عن أمانتي وما أنا فيه ومطلع على ما يحضرني بنفسي إن شاء الله، ولا أستطيع ما بعد منه إلا بالأمناء، يعني: لا أولي على عملي بعيد عني إلا الأمناء وأهل الصفح منكم للعامة.

كما أكد سياسته تجاه عماله بقوله: أيها الناس إني والله ما أرسل إليكم عمالًا ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أعشاركم، ولكن أرسلهم ليعلموكم دينكم وسنتكم، فمن فُعل به شيء سوى ذلك فليرفعه إليّ فوالذي نفس عمر بيده لأقصنّه منه، وقال لعماله أمام الناس: ألا وإني لم أبعثكم أمراء ولا جبارين ولكن بعثتكم أئمة الهدى يهتدى بكم، فأدوا للمسلمين حقوقهم ولا تضربوهم فتذلوهم، ولا تجحدوهم فتفتنوهم، ولا تغلقوا الأبواب دونهم فيأكل قويّهم ضعيفهم، ولا تستأثروا عليهم فتظلموهم ولا تجهلوا عليهم، فإذا رأيتم بهم كلالة فكفوا عن

<<  <   >  >>