والثالث: أنه مأخوذ من الأزر وهو الظهر؛ لأن الملك يقوى بوزيره كقوة البدن بالظهر. فالذي يفهم من كلام الماوردي أن الوزارة تعين الخليفة أو رئيس الدولة على تحمل مهامه، إذ يساعد الوزير برأيه في إدارة شئون الدولة في المجال الذي أسند إليه؛ وذلك لأن رئيس الدولة بطبيعة الحال لا يستطيع أن ينهض بأعباء الحكم في مختلف الشئون وحده من غير معاونة فكانت الضرورة قاضية باتخاذ الوزراء.
وقد أرشد القرآن الكريم والسنة المطهرة إلى مشروعية الوزارة فقال تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً}(الفرقان: ٣٥) وقال سبحانه: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي}(طه: ٢٩ - ٣٢) فالوزير هو الموازر؛ لأنه يحمل عن السلطان وزره أي ثقله، قال الماوردي معلقًا على سؤال موسى ربه أن يجعل له وزيرًا من أهله: فإذا جاز ذلك في النبوة كان في الإمارة أجوز؛ لأن ما وكل إلى الإمام من تدبير الأمة لا يقدر على مباشرته جميعه إلا بالاستنابة، ونيابة الوزير المشارك له في التدبير أصحّ في تنفيذ الأمور من تفرده بها ليستظهر به على نفسه وبها يكون أبعد من الزلل وأمنع من الخلل.
وفي السنة المطهرة ما يرشد إلى مشروعية الوزارة أيضًا، ففي حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أراد الله بالأمير خيرًا جعل له وزير صدق؛ إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه، وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء إن نسي لم يذكره وإن ذكر لم يعنه)).
وقد كانت وظيفة الوزير بمعنى المعاون مألوفة ومعروفة للصحابة -رضي الله عنهم- ولذا قال أبو بكر يوم الثقيفة لما قال الأنصار -رضي الله عنهم-: منا أمير