يجب أن تتوافر بعض الصفات السلوكية والخلقية فيمن يتولى منصب الوزارة إضافة إلى تلك الشروط التي سبق لنا تفصيلها عند الحديث عن شروط الإمام أو الخليفة، فقد ذكر البعض أن الخليفة المأمون ابن هارون الرشيد كتب في مواصفات الوزير فقال:"إني التمست لأموري رجلًا جامعا لخصال الخير، ذا عفة في خلائقه، واستقامة في طرائقه، قد هذبته الآداب، وحنكته الوقائع، وأحكمته التجارب، إن اؤتمن على الأسرار قام بها، وإن قلد مهمات الأمور نهض فيها، يسكته الحلم، وينطقه العلم، تكفيه اللحظة وتغنيه اللمحة، له صولة الأمراء، وأناة الحكماء" إلى غير ذلك. ويظهر مما ذكر أن منصب الوزارة لخطورته يجب أن يكون المتولي له على أعلى درجات الكفاءة والاستواء في شخصيته، فلا تكون عنده نقاط ضعفه ظاهرة لئلا يؤتى من قبلها فتفوت بذلك مصالح الأمة التي فوّض بشأنها.
اختصاصات وزير التفويض:
القاعدة العامة أن سلطة وزير التفويض مطلقة فله ما لرئيس الدولة أو الإمام من الصلاحيات، فله أن يقلد الولاة ويعزلهم، وله أن يتولى قيادة الجيش أو ولاية الجهاد، وله أن يستنيب عنه من يشاء، وله أن يقوم بتنفيذ الأمور التي يدبرها، وله أن يقضي بين الناس وينظر في المظالم، فكل هذه الأمور تجوز من وزير التفويض كما تجوز من الإمام، غير أن هناك بعض الأمور التي يملكها الخليفة ولا يملكها وزير التفويض رغم إطلاق سلطته، وهذه الأمور قد عددها الفقهاء في ثلاثة: ولاية العهد، فهو من حق الخليفة وحده فله أن يختار ولي عهده على الشروط التي قدمنا، وليس هذا لوزير التفويض مهما كانت سلطته مطلقة؛ لئلا يفتات على حق الإمام في اختيار ولي عهده.