ألوهية كاذبة على بشر أمثالهم؛ وليمنعوا الظلم عن الذين ظلموهم، وادعوا هذه الألوهية، ويحرروهم من عبودية غير الله، ويجمعوهم تحت نظام للحياة عادل، ليس فيه إنسان عبد لإنسان، بل يكون الناس فيه جميعًا عبادًا لله وحده.
وفي ذلك يقول الله تعالى:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}(الأنعام: ١٠٢) ويقول تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}(آل عمران: ٦٤) فهذا هو النداء الرباني الذي حرر العقول والأفكار؛ وحرر كل ما أوتي البشر من القوى العقلية والمادية من أغلال العبودية لغير الله؛ ووضع عنهم إصرهم الذي كان يرزحون تحته.
إن الحرية في الإسلام ذات معنى واسع؛ فالإسلام حين دعا إليها لم يكن يدعو إلى حرية الأفراد فحسب، ولا حرية الجماعات فحسب، بل أراد هذه الحرية ملكًا وحقًّا لكل البشر على السواء، في شتى أنحاء الأرض؛ فالإنسان في نظر الإنسان حر في إنسانيته، وحر في عقيدته، وحر في إبداء رأيه، وعلى الجملة: فقد كَفَلَ الإسلام لكل واحد من الناس الحرية الإنسانية، والمدنية، والسياسية، والعلمية، وغير ذلك من مظاهر الحرية على تعدد أنواعها.
والحرية بهذا المفهوم أقرها الإسلام في ضمائر المؤمنين، وجعلها جزءًا لا يتجزأ من عقيدتهم؛ ولذلك نجد المجتمع المسلم يُذعن لقانون العبودية لله تعالى، ويراه واجبًا عليه، وحقًّا لله الذي خلقه، وهو بذلك يتمتع بكامل حريته.
وكما قلنا: فإن للحرية مظاهر متنوعة: هناك حرية دينية، وحرية سياسية، إلى غير ذلك من الحريات التي عددها القانونيون، لكن ما نريد أن نلفت النظر إليه هو: الحرية الدينية التي أقرها الإسلام لغير المسلمين، ونقول في هذا الشأن: