للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في شئون الدول إلا لحماية الحريات العامة، وعندما يستغيث بهم المظلومون، أو يعتدي على المؤمنين بالإسلام دينًا؛ ففي هذه الحالات يمكن التدخل لمنع الفتنة في الدين.

إن الإسلام يحترم حق كل دولة في الوجود، وحقها في أن تكون سيدة نفسها، وحقها في الدفاع عن أراضيها، وسيادتها، لا فرق بين دولة متقدمة، وأخرى نامية، فالإسلام يريد السلامة، ولا يريد عدوانًا، ولا يريد استعلاءً في الأرض، يريد سلامًا بين العبد، وربه؛ فهو دائم الصلة دائم الخشية والمراقبة، ويريد السلام بين الشعوب، وبعضها، ويريد سلامًا بين الفرد ومجتمعه، إن القتل في الإسلام ما شرع إلا دفاعًا عن المسلمين، وأوطانهم، وأيضًا لتأمين حرية الدين، ومنع الاضطهاد فيه؛ فهو مشروع لحماية الدعوة ومنهجها في الحياة، بحيث يلجأ إليها كل راغب فيها لا يخشى قوة تتعرض له، أو تمنعه، أو أن تفتنه فالقتل، إنما وجب في مقابلة الحراب، لا في مقابلة الكفر -أي: أن القتل إنما يكون لمن يقاتله.

وهكذا نجد أن الإسلام يؤثر السلام على القتال، ولا يبيح القتال إلا في حالة الضرورة، وهي تعد استثناءً على فكرة الإسلام عن السلام، التي تكمن في قاعدة: السلم دائمًا، والحرب ضرورة؛ فالقتل ليس من طبيعة الإسلام، بل في طبيعته العفو والمسامحة؛ فمن لم يجب الدعوة، ولم يقاومها، ولم يبدأ المسلمين باعتداءٍ؛ لا يحل قتاله، ولا تبديل أمنه خوفًا، وما قرره الإسلام في ذلك طبقه المسلمون، وهناك الكثير من الأدلة التي تدل على أن الأصل في الإسلام في علاقة المسلمين بغيرهم هو السلم، وليس الحرب؛ فمن القرآن الكريم -يقول تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة: الآية: ١٩٠).

<<  <   >  >>