للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للمسلمين في أخذ، وقتل الذين اعتزلوهم فلم يقاتلوهم، وألقوا إليهم السلم -أي: الصلح- وفي الآية مبالغة في عدم التعرض لهؤلاء الذين لم يقاتلوا المسلمين، وألقوا إليهم الصلح؛ حيث نفت جعل السبيل للمسلمين على هؤلاء الذين لم يقاتلوهم.

ومن القرآن الكريم أيضًا قول الله -تبارك وتعالى-: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (الحج: الآية: ٣٩) وجه الدلالة أن الآية فيها إذن للذين يقاتلهم المشركين -بسبب ظلم المشركين لهم، لا بسبب كفرهم- فالآية تظهر لنا أن الظلم الذي توحي به -والذي وقع على المسلمين- إنما يكمن في مصادرة حرياتهم الدينية، والعدوان عليهم، وصدهم عن الدعوة إلى الله؛ فهم ظلموا، والمظلوم من حقه أن يدفع عن نفسه، ومن أجل هذا أذن الله لهم بالقتال دفاعًا عن أنفسهم -أي: أنه لا يثير المسلمين إلى القتال إلا ما يقع عليهم من ظلم يريدون دفعه.

هذه هي الأدلة من القرآن الكريم، والتي تدل على أن العلاقة بين المسلمين، وغيرهم أساسها السلم، وليس الحرب، وإذا رجعنا إلى السنة النبوية الشريفة؛ فنجد أن هناك كثيرًا من الأحاديث التي تؤيد هذا الاتجاه، والتي تجعل أساس العلاقة بين المسلمين، وغيرهم إنما هو السلم، وليس الحرب يقول صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف)) وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم)) فالحديث يأمر المسلمين بمسالمة الحبشة والترك، وعدم التعرض لأي منهما طالما لم يتعرضا للمسلمين بقتال، أو غيره، ولا معنى لذلك إلا أن من سالم المسلمين فعليهم مسالمته، وعدم التعرض إليه بأذى.

ومن الأدلة أيضًا على أن العلاقة بين المسلمين، وغيرهم إنما هي قائمة على السلم، وليس الحرب.

أسباب الحروب التي خاضها المسلمون: فالمتتبع لغزوات

<<  <   >  >>