أن الشافعية نصوا على أن تأقيت الهدنة هو بالنسبة لنفوس الرجال، أما الأموال؛ فيجوز العقد عليها مؤبدًا، ويصح المهادنة مع النساء من غير تقيد بمدة.
وأجاز أبو حنيفة، وأحمد أن تزيد المدة عن عشر سنوات؛ حسبما تقتضي الحاجة ذلك؛ لأنهم يقولون: أن المدة المذكورة في صلح الحديبية هي عشر سنوات ليست هي الحد الأدنى، وإنما هي حالة من الحالات لعموم قوله تعالى:{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} ويمكن التوفيق بين الرأيين بناءً على فكرة المعاهدات المؤقتة القابلة للتجديد بتحديد عشر سنوات، نقول: تتجدد تلقائيًا عند الحاجة، إلا إذا أبلغ أحد الطرفين الآخر بعدم رغبته في التجديد.
وبالنسبة للمدة لعهد الذمة، أو عقد الذمة نقول: إن عقد الذمة، أو الجزية هي معاهدة سلمية دائمة -يعني: هي قائمة على التأبيد هذا العقد قائم على التأبيد- فهو معاهدة سلمية دائمة مع غير المسلمين للاستيطان في أرض الإسلام؛ لأن الله تعالى غاية القتال الوصول إلى قبول المعاهدة مع المسلمين؛ فقال -سبحانه-: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}(التوبة: من آية: ٢٩) والمراد من الصغار التزام أحكام الإسلام، والمقصود من إعطاء الجزية -بالإجماع- هو القبول والالتزام؛ فعقد الذمة لا مدة له، وإنما هو بطبيعته عهد دائم، أو صلح دائم لا ينتقض إلا بما يخل بمقصوده، أو يتنافى مع أغراضه، أو بمحاربة الذميين للمسلمين، أو عدم الالتزام بالأحكام الإسلامية.
ونتكلم الآن عن انضمام الغير للمعاهدات فنقول:
هناك في عصرنا في عالم القانون الدولي نوعان من المعاهدات: معاهدات مقفلة، ومعاهدات مفتوحة.