وفي حديثنا عن النظام المالي في الدولة الإسلامية يجدر بنا أن نتحدث عن أمرين أساسيين في هذا الأمر، أو في هذا الموضوع:
الأمر الأول: وهو إلقاء الضوء على النظام المالي في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدين، ثم بعد ذلك نتحدث عن موارد بيت المال، أو الموارد المالية للدولة الإسلامية، ونشرع الآن في إلقاء الضوء على النظام المالي الذي كان معمولًا به في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي زمن الخلفاء الراشدين فنقول -وبالله التوفيق-:
أولًا: في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-: لم يكن للدولة الإسلامية في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم حينما كان في مكة- لم يكن هناك نظام مالي محددة أبوابه من إيرادات، ومصروفات، بل كانت إيرادات الدولة في هذه الفترة تتمثل في الأموال التي يجود بها الصحابة للصرف منها على فقراء المسلمين، أو لسد بعض الحاجات الضرورية، فلما هاجر الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، وأخذ شكل الدولة الإسلامية يظهر بوضوح وجلاء؛ نزلت الآيات التي أوجبت على المسلمين الزكاة في أموالهم، يقول تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم}(التوبة: -من الآية- ١٠٣).
ويقول: النبي -صلى الله عليه وسلم- ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلًا)) ففي هذا الحديث يبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الزكاة إنما هي ركن من أركان الإسلام الخمسة.
وبينت الآيات القرآنية أيضا الفئات المستحقة لتلك الزكاة، ويقول -تبارك وتعالى-: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ