قال المصنف: وقد ذهب قوم إلى أن التصوف منسوب إلى أهل الصفة، وإنما ذهبوا إلى هذا لأنهم رأوا أهل الصفة على ما ذكرنا من صفة صوفة في الانقطاع إلى الله ﷿ وملازمة الفقر فإن أهل الصفة كانوا فقراء يقدمون على رسول الله ﷺ وما لهم أهل ولا مال فبنيت لهم صفة في مسجد رسول الله ﷺ وقيل أهل الصفة.
والحديث بإسناد عن الحسن قال: بنيت صفة لضعفاء المسلمين فجعل المسلمون يوصلون إليها ما استطاعوا من خير، وكان رسول الله ﷺ يأتيتهم فيقول:«السلام عليكم يا أهل الصفة.
فيقولون: وعليك السلام يا رسول الله.
فيقول: كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير يا رسول الله».
وبإسناد عن نعيم بن المجمر عن أبيه عن أبي ذر قال: كنت من أهل الصفة وكنا إذا أمسينا حضرنا باب رسول الله ﷺ فيأمر كل رجل فينصرف برجل فيبقى من بقي من أهل الصفة عشرة أو أقل فيؤثرنا النبي ﷺ بعشائه فننتعش فإذا فرغنا قال رسول الله ﷺ: ناموا في المسجد.
قال المصنف: وهؤلاء القوم إنما قعدوا في المسجد ضرورة.
وإنما أكلو من الصدقة ضرورة.
فلما فتح الله على المسلمين استغنوا عن تلك الحال وخرجوا.
ونسبة الصوفي إلى أهل الصفة غلط لأنه لو كان كذلك لقيل صفي، وقد ذهب إلى أنه من الصوفانة وهي بقلة رعناء قصيرة، فنسبوا إليها لاجتزائهم بنبات الصحراء، وهذا أيضا غلط لأنه لو نسبوا إليها لقيل صوفاني.
وقال آخرون هو منسوب إلى صوفة القفا.
وهي الشعرات النابتة في مؤخره، كأن الصوفي عطف به إلى الحق وصرفه عن الخلق.
وقال آخرون: بل هو منسوب إلى الصوف، وهذا يحتمل.
والصحيح الأول.
وهذا الاسم ظهر للقوم قبل سنة مائتين ولما أظهره أوائلهم تكلموا فيه