للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علي الأزجي ثنا علي بن عبد الله الهمداني ثنا محمد بن جعفر ثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الملك قال سمعت شيخا يكنى أبا تراب يقول: قيل لفتح الموصلي أنت صياد بالشبكة ولم تصد شيئا إلا وتطعمه لعيالك فلم تصد وتبيع ذلك الناس فقال أخاف أن أصطاد مطيعا لله تعالى في جوف الماء فأطعمه عاصيا لله على وجه الأرض.

قال المصنف : قلت، إن صحت هذه الحكاية عن فتح الموصلي فهو من التعلل البارد المخالف للشرع والعقل لأن الله تعالى أباح الكسب وندب إليه فإذا قال قائل ربما خبزت خبزا فأكله عاص كان حديثا فارغا لأنه لا يجوز لنا إذا أن نبيع الخبز لليهود والنصارى.

[ذكر تلبيس إبليس على الصوفية في ترك التداوي]

قال المصنف : لا يختلف العلماء أن التداوي مباح وإنما رأى بعضهم أن العزيمة تركه.

وقد ذكرنا كلام الناس في هذا وبينا بما اخترناه في كتابنا لقط المنافع في الطب.

والمقصود ههنا أنا نقول إذا ثبت أن التداوي مباح بالإجماع مندوب إليه عند بعض العلماء فلا يلتفت إلى قول قوم قد رأوا أن التداوي خارج من التوكل لأن الإجماع على أنه لا يخرج من التوكل وقد صح عن رسول الله أنه تداوى وأمر بالتداوي ولم يخرج بذلك من التوكل ولا أخرج من أمره أن يتداوى من التوكل.

وفي الصحيح من حديث عثمان بن عفان أن النبي رخص إذا اشتكى المحرم عينه أن يضمدها بالصبر.

قال ابن جرير الطبري وفي هذا الحديث دليل على فساد ما يقوله ذوو الغباوة من أهل التصوف والعباد من أن التوكل لا يصح لأحد عالج علة به في جسده بدواء إذ ذاك عندهم طلب العافية من غير من بيده العافية والضر والنفع.

وفي إطلاق النبي للمحرم علاج عينه بالصبر لدفع المكروه أدل دليل على أن معنى التوكل غير ما قاله الذين ذكرنا قولهم.

وأن ذلك غير مخرج فاعله من الرضا بقضاء الله كما أن من عرض له كلب الجوع لا يخرجه فزعه إلى الغذاء من التوكل والرضا بالقضاء لأن الله

<<  <   >  >>