للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكسب ولا يعمل ويجلس في الرباط أو المسجد ويعتمد على صدقات الناس وقلبه معلق بطرق الباب.

ومعلوم أن الصدقة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوى ولا يبالون من بعث إليهم فربما بعث الظالم والماكس فلم يردوه.

وقد وضعوا في ذلك بينهم كلمات منها تسمية ذلك بالفتوح ومنها أن رزقنا لا بد أن يصل إلينا.

ومنها أنه من الله فلا يرد عليه ولا نشكر سواه.

وهذا كله خلاف الشريعة وجهل بها وعكس ما كان السلف الصالح عليه.

فإن النبي قال: «الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه».

وقد قال قاء أبو بكر الصديق من أكل الشبهة.

وكان الصالحون لا يقبلون عطاء ظالم ولا ممن في ماله شبهة.

وكثير من السلف لم يقبل صلة الإخوان عفافا وتنزها.

وعن أبي بكر المروزي قال: ذكرن لأبي عبد الله رجلا من المحدثين فقال: أي رجل كان لولا خلة واحدة.

ثم سكت ثم قال: ليس كل الخلال يكملها الرجل.

فقلت له: أليس كان صاحب سنة؟ فقال: لعمري لقد كتبت عنه، وله خلة واحدة، كان لا يبالي ممن أخذ.

قال المصنف: ولقد بلغنا أن بعض الصوفية دخل على بعض الأمراء الظلمة فوعظه فأعطاه شيئا فقبله، فقال الأمير: كلنا صيادون، وإنما الشباك تختلف.

ثم أين هؤلاء من الأنفة من الميل للدنيا فإن النبي قال: «اليد العليا خير من اليد السفلى».

واليد العليا هي اليد المعطية، هكذا فسره العلماء وهو الحقيقة وقد تأوله بعض القوم فقال: العليا هي الآخذة.

قال ابن قتيبة: ولا أرى هذا إلا تأويل قوم استطابوا السؤال.

(فصل)

قال المصنف: ولقد كان أوائل الصوفية ينظرون في حصول الأموال من أي وجه ويفتشون عن مطاعمهم وسئل أحمد بن حنبل عن السري السقطي فقال:

<<  <   >  >>