وترى خلقا من الشعراء وأهل الأدب لا يتحاشون من لبس الحرير.
والكذب في المدح خارجا عن الحد.
ويحكون اجتماعهم على الفسق وشرب الخمر وغير ذلك.
ويقول أحدهم: اجتمعت أنا وجماعة من الأدباء ففعلنا كذا وكذا - هيهات هيهات ليس الأدب إلا ما الله ﷿ باستعمال التقوى له.
ولا قدر للفطن في أمور الدنيا ولا تحسن العبارة عند الله إذا لم يتقه.
وجمهور الأدباء والشعراء إذا ضاق بهم رزق تسخطوا فكفروا وأخذوا في لوم الأقدار كقول بعضهم:
لئن سمت همتي في الفضل عاليةفإن حظي ببطن الأرض ملتصق
كم يفعل الدهر بي ما لا أسر بهوكم يسيء زمان جائر حنق
وقد نسي هؤلاء أن معاصيهم تضيق أرزاقهم فقد رأوا أنفسهم مستحقين للنعم مستوجبين للسلامة من البلاء ولم يتلمحوا ما يجب عليهم من امتثال أوامر الشرع فقد ضلت فطنتهم في هذه الغفلة.
[ذكر تلبيس إبليس على الكاملين من العلماء]
قال المصنف: إن أقواما علت هممهم فحصلوا علوم الشرع من القرآن والحديث والفقه والأدب وغير ذلك.
فأتاهم إبليس يخفي التلبيس فأراهم أنفسهم بعين عظيمة لما نالوا وأفادوا غيرهم.
فمنهم من يستفزه لطول عنائه في الطلب فحسن له اللذات وقال له إلى متى هذا التعب فأرح جوارحك من كلف التكاليف وافسح لنفسك في مشتهاها.
فإن وقعت في زلة فالعلم يدفع عنك العقوبة.
وأورد عليه فضل العلماء.
فإن خذل هذا العبد وقبل هذا التلبيس يهلك وإن وفق فينبغي له أن يقول: جوابك من ثلاثة أوجه.
أحدها إنه إنما فضل العلماء بالعمل ولولا العمل به ما كان له معنى.
وإذا لم أعمل به كنت كمن لم يفهم المقصود به ويصير مثلي كمثل رجل جمع الطعام وأطعم الجياع ولم يأكل فلم ينفعه ذلك من جوعه.
والثاني أن يعارضه بما ورد في ذم من لم يعمل بالعلم لقوله ﷺ: «أشد