رسول الله ﷺ دعا له بكل خير، وكان آخر دعائه أن قال: اللهم أكثر ماله وولده وبارك له.
وبإسناد عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن عبيد الله بن كعب بن مالك قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حديث توبته، قال: فقلت يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله ﷿ وإلى رسوله ﷺ فقال: «أمسك بعض مالك فهو خير لك».
قال المصنف: فهذه الأحاديث مخرجة في الصحاح وهي على خلاف ما تعتقده المتصوفة من أن إكثار المال حجاب وعقوبة وأن حبسه ينافي التوكل.
ولا ينكر أنه يخاف من فتنته وأن خلقا كثيرا اجتنبوه لخوف ذلك وأن جمعه من وجهة يعز وسلامة القلب من الافتتان به يبعد واشتغال القلب مع وجوده بذكر الآخرة يندر ولهذا خيف فتنة.
فأما كسب المال فإن من اقتصر على كسب البلغة من حلها فذلك أمر لا بد منه.
وأما من قصد جمعه والاستكثار منه من الحلال نظرنا في مقصوده، فإن قصد نفس المفاخرة والمباهاة فبئس المقصود، وإن قصد إعفاف نفسه وعائلته وادخر لحوادث زمانه وزمانهم وقصد التوسعة على الأخوان وإغناء الفقراء وفعل المصالح أثيب على قصده، وكان جمعه بهذه النية أفضل من كثير من الطاعات.
وقد كانت نيات خلق كثير من الصحابة ﵃ أجمعين في جمع المال سليمة لحسن مقاصدهم لجمعه فحرصوا عليه وسألوا زيادته.
وبإسناد عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ أقطع الزبير حضر فرسه بأرض يقال لها ثرثر.
فأجرى فرسه حتى قام، ثم رمى سوطه فقال:«أعطوه حيث بلغ السوط».
وكان سعد بن عبادة يدعو فيقول: اللهم وسع علي.
قال المصنف: وأبلغ من هذا أن يعقوب ﵊ لما قال له بنوه ﴿ونزداد كيل بعير﴾ مال إلى هذا وأرسل ابنه بنيامين معهم.