للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المستحسنات معتبرا فأتعجب من حسن الصنعة في دعج العينين، ورقة الأنف ونقاء البياض، قلنا له في أنواع المباحات ما يكفي في العبرة.

وههنا ميل طبعك يشغلك عن الفكرة ولا يدع لبلوغ شهوتك وجود فكرة.

فإن ميل الطبع شاغل عن ذلك، وكذا من قال: إن هذا الغناء المطرب المزعج للطباع المحرك لها إلى العشق وحب الدنيا لا يؤثر عندي ولا يلفت قلبي إلى حب الدنيا الموصوفة فيه - فإنا نكذبه لموضع اشتراك الطباع ثم إن كان قلبه بالخوف من الله ﷿ غائبا عن الهوى لأحضر هذا المسموع الطبع وإن كانت قد طالت غيبته في سفر الخوف، وأقبح القبيح البهرجة، ثم كيف تمر البهرجة على من يعلم السر وأخفى.

ثم إن كان الأمر كما زعم هذا المتصوف فينبغي أن لا نبيحه إلا لمن هذه صفته والقوم قد أباحوه على الإطلاق للشاب المبتدئ، والصبي الجاهل، حتى قال أبو حامد الغزالي: إن التشبيب بوصف الخدود، والأصداغ، وحسن القد، وسائر أوصاف النساء، الصحيح أنه لا يحرم.

قال المصنف : فأما من قال إني لا أسمع الغناء للدنيا.

وإنما آخذ منه إشارات فهو يخطئ من وجهين.

أحدهما أن الطبع يسبق إلى مقصوده قبل أخذ الإشارات فيكون كمن قال: إني أنظر إلى هذه المرأة المستحسنة لا تفكر في الصنعة - والثاني أنه يقل فيه وجود شيء يشار به إلى الخالق وقد جل الخالق أن يقال في حقه أنه يعشق، ويقع الهيمان به.

وإنما نصيبنا من معرفته الهيبة والتعظيم فقط.

وإذ قد انتهت النصيحة فنذكر ما قيل في الغناء.

مذهب الإمام أحمد

أما مذهب الإمام أحمد : فإن كان الغناء في زمانه إنشاد قصائد الزهد إلا أنهم لما كانوا يلحنونها اختلفت الرواية عنه.

فروى عنه ابنه عبد الله أنه قال: الغناء ينبت النفاق في القلب، لا يعجبني.

وروى عنه إسماعيل بن

<<  <   >  >>