عبد الله بن باكويه ثنا أبو الطيب بن الفرغاني قال سمعت الجنيد بن محمد يقول: دخل علي أمس رجل من أهل بسطام فذكر أنه سمع أبا يزيد البسطامي يقول: اللهم إن كان في سابق علمك أنك تعذب أحدا من خلقك بالنار فعظم خلقي حتى لا تسع معي غيري.
قال المصنف ﵀: أما ما تقدم من دعاويه فما يخفى قبحها.
وأما هذا القول فخطأ من ثلاثة أوجه: أحدها أنه قال: إن كان في سابق علمك، وقد علمنا قطعا أنه لا بد من تعذيب خلق بالنار وقد سمى الله ﷿ منهم خلقا، كفرعون وأبي لهب فكيف يجوز أن يقال بعد القطع واليقين إن كان.
والثاني قوله: تعظم خلقي فلو قال لأدفع عن المؤمنين ولكنه قال حتى لا تسع أحدا غيري، فأشفق على الكفار أيضا وهذا تعاط على رحمة الله ﷿.
والثالث أن يكون جاهلا بقدر هذه النار أو واثقا مننفسه بالصبر وكلا الأمرين معدوم عنده.
قلت: ثم قال: والله ولقد تكلمت أمس مع الخضر في هذه المسألة، وكانت الملائكة يستحسنون قولي: والله ﷿ يسمع كلامي فلم يعب علي ولو عاب علي لأخرسني.
قلت: لولا أن هذا الرجل نسب إلى التغير لكان ينبغي أن يرد عليه.
وأين الخضر ومن اين له أن الملائكة تستحسن قوله؟ وكم من قول معيب لم يعاجل صاحبه بالعقوبة.
وقد بلغني عن ميمون بن عبده قال: بلغني عن سمنون المحب أنه كان يسمي نفسه الكذاب بسبب أبياته التي قال فيها:
وليس لي في شواك حظفكيفما ما شئت فامتحني
فابتلي بحبس البول فلم يقر له قرار فكان بعد ذلك يطوف على المكاتب وبيده قارورة يقطر منها بوله ويقول للصبيان: ادعوا لعمكم الكذاب.
قال المصنف ﵀: إنه ليقشعر جلدي من هذه أتراه على ما يتقاوى وإنما هذه ثمرة الجهل بالله ﷾ ولو عرفه لم يسأله إلا العافية.
وقد قال من عرف الله كل لسانه.
أخبرنا أبو بكر بن حبيب نا أبو سعد بن أبي صادق نا ابن باكويه قال: سمعت محمد بن داود الجوزجاني يقول سمعت أبا العباس بن عطاء يقول: