للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زنادقة جمعوا بين مدارع العمال مرقعات وصوف، وبين أعمال الخلعاء الملحدة أكل وشرب ورقص وسماع وإهمال لأحكام الشرع.

ولم تتجاسر الزنادقة أن ترفض الشريعة حتى جاءت المتصوفة فجاؤوا بوضع أهل الخلاعة.

فأول ما وضعوا أسماء وقالوا حقيقة وشريعة.

وهذا قبيح لأن الشريعة ما وضعه الحق لمصالح الخلق.

فما الحقيقة بعدها سوى ما وقع في النفوس من إلقاء الشياطين.

وكل من رام الحقيقة في غير الشريعة فمغرور مخدوع.

وإن سمعوا أحدا يروي حديثا قالوا مساكين أخذوا علمهم ميتا عن ميت.

وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت.

فمن قال حدثني أبي عن جدي قلت حدثني قلبي عن ربي فهلكوا وأهلكوا بهذه الخرافات قلوب الأغمار وأنفقت عليهم لأجلها الأموال.

لأن الفقهاء كالأطباء في ثمن الدواء صعبة والنفقة على هؤلاء كالنفقة على المغنيات.

وبغضهم الفقراء أكبر الزندقة لأن الفقهاء يخطرونهم بفتاويهم عن ضلالهم وفسقهم.

والحق يثقل كما تثقل الزكاة.

وما أخف البذل على المغنيات وإعطاء الشعراء على المدائح.

وكذلك بغضهم لأصحاب الحديث وقد أبدلوا إزالة العقل بالخمر «بشيء سموه الحشيش والمعجون والغناء المحرم» سموه السماع والوجد والتعرض بالوجد المزيل للعقل حرام كفى الله الشريعة شر هذه الطائفة الجامعة بين دهمئة في اللبس وطيبة في العيش وخداع بألفاظ معسولة ليس تحتها سوى إهمال التكليف وهجران الشرع ولذلك خفوا على القلوب ولا دلالة على أنهم أرباب باطل أوضح من محبة طباع الدنيا لهم كمحبتهم أرباب اللهو والمغنيات.

قال ابن عقيل فإن قال قائل هم أهل نظافة ومحاريب وحسن سمت وأخلاق قال فقلت لهم لو لم يضعوا طريقة يجتذبون بها قلوب أمثالكم لم يدم لهم عيش والذي وصفتهم به رهبانية النصرانية ولو رأيت نظافة أهل التطفيل على الموائد ومخانيث بغداد ودمائة المغنيات لعلمت أن طريقهم طريقة الفكاهة والخداع وهل يخدع الناس إلا بطريقة أو لسان فإذا لم يكن للقوم قدم في العلم

<<  <   >  >>