للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أكمل العالم استحسنه فخشي أن يزيد فيه أو ينقص منه فيفسد، فأهلك نفسه وخلا منه العالم، وبقيت الأحكام تجري بين حيواناته ومصنوعاته على ما اتفق، وقالت الفرقة الثانية: بل ظهر في ذات الباري تولول، فلم يزل تنجذب قوته ونوره حتى صارت القوة والنور في ذلك التولول وهو العالم، وساء نور الباري وكان الباقي منه نور.

وزعموا أنه سيجذب النور من العالم إليه حتى يعود كما كان، ولضعفه عن مخلوقاته أهمل أمرهم فشاع الجور.

وقالت الفرقة الثالثة: بل الباري لما أتقن العالم تفرقت أجزاؤه فيه فكل قوته في العالم فهي من جوهر اللاهوتية.

قال الشيخ : هذا الذي ذكره النهاوندي نقلته من نسخة بالنظامية قد كتبت منذ مائتين وعشرين سنة، ولولا أنه قد قيل ونقل في ذكره بيان ما قد فعل إبليس في تلبيسه، لكان الأولى الإضراب عن ذكره تعظيما لله ﷿ أن يذكر بمثل هذا، ولكن قد بينا وجه الفائدة في ذكره.

وقد ذهب أكثر الفلاسفة إلى أن الله تعالى لا يعلم شيئا، وإنما يعلم نفسه، وقد ثبت أن المخلوق يعلم نفسه ويعلم خالقه، فقد زادت مرتبة المخلوق على رتبة خالق.

قال المصنف: وهذا أظهر فضيحة أن يتكلم عليه، فانظر إلى ما زينه إبليس لهؤلاء الحمقاء مع ادعائهم كمال العقل، وقد خالفهم أبو علي بن سيناء في هذا فقال بل يعلم نفسه، ويعلم الأشياء الكلية ولا يعلم الجزئيات، وتلقف هذا المذهب منهم المعتزلة، وكأنهم استكثروا المعلومات، فالحمد الله الذي جعلنا ممن ينفي على الله الجهل والنقص، ونؤمن بقوله ﴿ألا يعلم من

<<  <   >  >>