على المجتمعين (١)، وهكذا دعا الفاتحون المغلوبين للبقاء في الأرض على أن يدفعوا الخراج، وقد أفاد هذا الإجراء في عدم تحول الفاتحين إلى فلاحين مما يضعف قدراتهم القتالية- وهم يواجهون الفرس في الشرق والبيزنطيين في الغرب- كما ربط الفلاحين القدامى بأرضهم وكسب ولاءهم، وساعد على استمرار ازدهار الزراعة في السواد إذ ما كان بوسع الفاتحين استثمار الأرض لنقص الخبرة الزراعية .. وأوجد مورداً سنوياً كبيراً لبيت المال خاصة وأن الأراضي المفتوحة في الشام ومصر عوملت وفق نظام الخراج أيضاً، وهذا المورد مكَّن الدولة من تجهيز الجيوش الكبيرة والقيام بالإصلاحات المتنوعة وخاصة الارتقاء بالمستوى المعيشي للناس عن طريق نظام العطاء، إضافة إلى الحد من نشوء الملكيات الإقطاعية الكبيرة مما يولد تبايناً اقتصادياً شاسعاً ويحصر تداول الثروة بأيدٍ قليلة، وهذا ما وعاه عمر من الآيات القرآنية مما يوضح دقة فهمه وعمق بصيرته، وأثر القرآن في توجيه سياسته.
ونظراً لأن الخراج ضريبة على الأرض خلافاً للجزية فإنه لا يسقط بإسلام
(١) توجد أخبار ضعيفة السند تدل على رغبة بعض الصحابة في قسمة السواد لأنه فتح عنوة، ويصرح عمر في هذه الأخبار بأنه يحفظ بإجرائه حقوق الأجيال اللاحقة (ابن أبي شيبة: المصنف ٦: ٤٦٦، وسعيد بن منصور ٢: ٢٢٧، وابن زنجويه: الأموال ١: ١٩١، ١٩٤، والخطيب: تأريخ بغداد ١: ٧، ٨، ٩، والبيهقي: السنن ٩: ١٣٤. وهذه الأخبار الضعيفة تتضافر لتقوية تعليل عمر رضي الله عنه لإجراءاته في أرض السواد، وهي تتفق مع الثابت من استنباطه من القرآن. كما توجد أخبار ضعيفة تتضافر لتأكيد وجود معارضة ضعيفة لإجراءات عمر في عدم تقسيم أرض الشام ومصر (أبو عبيد: الأموال ٦٣، وأحمد: فضائل الصحابة ١: ٢٨٩، وابن زنجويه: الأموال ١: ١٩١، والبيهقي: السنن ٦: ٣١٨ و ٩: ١٣٨، ١٣٩ بأسانيد ثلاثة فيها انقطاع وإرسال وتقوى ببعضها إلى الحسن).