للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هي الحياة الباقية، وهي الأخرى، وأن الإيمان بالحياة الأخرى هو لب الدين، يجازي فيها المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته ..

وأن الإيمان بالغيب والنشور والحساب والعقاب والثواب من شأنه أن يعلو بالإنسان من مرتبة الحيوان ولا يجعل حياته عقيمة لا تنتج، ويدفع عنه التشاؤم النفسي، فهي إن لم يسعد في الحاضرة رجا السعادة في الآخرة، والمؤمن يتربى فيه الوجدان والإحساس بالتبعية إذا آمن بالآخرة ...

ولقد كان العبيد والفقراء يقاومون السادة والأغنياء ويرضون بالعذاب ولا يبالونه لأنهم مؤمنون بما عنده في اليوم الآخر، فالإيمان باليوم الآخر ذخيرة إنسانية ومن حرمها فقد حرم خير زاد يعلو به الإنسان، ويقاوم أحداث الزمان.

ولا يقبل إيمان عبد حتى يؤمن بما أخبرت عنه السنة بعد الموت من سؤال منكر ونكير في القبر وهما ملكان مهيبان هائلان يقعدان العبد في قبره سويا ذا روح وجسد، فيسألانه عن التوحيد، والرسالة ويقولان: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ وهما فتانا القبر، وسؤالهما أول فتنة القبر. وأن يؤمن بعذاب القبر، وأنه حق، وحكمه عدل، على الجسم والروح على ما يشاء ...

ويؤمن بالميزان ذي الكفتين واللسان توزن فيه الأعمال بقدرة الله تعالى سواء كانت كبيرة أو صغيرة مثل مثاقيل الذر، والخردل، تحقيقا لتمام العدل، وتطرح صحائف الحسنات في صورة حسنة في كفة النور، فيثقل بها الميزان، على قدر درجاتها عند الله، بفضل الله تعالى، وتطرح صحائف السيئات في كفة الظلمة فيخف بها الميزان بعدل الله تعالى ...

وأن يؤمن بالصراط فهو حق، وهو جسر ممدود على متن جهنم، أحد من السيف، وأدق من الشعرة، تزل عليه أقدام الكافرين بحكم الله تعالى، فيهوي يهم إلى النار، وتثبت عليه أقدام المؤمنين، فيساقون إلى دار القرار ...

<<  <   >  >>